العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ

كيف نعرض إشكالات شبابنا فنجيب عليها؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

هذه الأيام أيام عيد، ولا نريد أن ندخل في آلام السياسة حتى نخفف عن الناس ونجعلهم يفرحون ولو قليلاً بأيامهم. لهذا ارتأيت اليوم أن أتحدث عن قليل من الضغوط والآلام التي يعيشها المثقفون مع الصحافة، فالصحافة هي مهنة المتاعب... ليس مع الناس أو السلطة فقط، بل حتى مع المطابع، فأحياناً مطبعة الصحيفة تقضم حروفاً، وأحياناً مسجلة المقابلة نتيجة التسجيل وقطع التسجيل تقضم عبارات بلا قصد، فتصبح الجملة التامة مبتورة. مثلاً نقول: المنطق العلماني يقول: إن الله ليس موجوداً... أو إن ابليس أحد شهداء الرأي الآخر كما يقول أحد المثقفين العرب، وهي بعض مهازلنا الثقافية، فتسقط عبارة «المنطق العلماني يقول»، وهنا تقع الكارثة على هذا المفكر مثلاً، أو المثقف أو المحامي أو الصحافي، وهكذا.

هموم الصحافة مع الحروف كثيرة، وخصوصاً مع الكلمات المتقاربة، وأضرب لكم أمثلة، قال الوكيل للوزير: «لقد كنت كاهناً»، فتصبح «لقد كنت خائناً»، وعندما تقترب الحروف أكثر يزداد الإشكال وتزداد الحساسية والخطورة عندما يتعلق بأمور مقدسة أو بقضايا دينية، وقد حدث لي ذلك سابقاً مع الصحافة، ففي يوم من الأيام كتبت مقالاً سياسياً «لهذا نجد أن الحل يكمن في تأصيل الإسلام» أي «الرجوع إلى تأصيل الإسلام والرجوع إلى خيار الإسلام»، وإذا بالمطبعة تحول الصاد إلى جيم، فتصبح بدلاً من تأصيل الإسلام «تأجيل الإسلام» حتى اضطرني بعد ذلك بيوم أن أنوّه للموضوع بأن الصاد تحولت إلى جيم، والله الساتر على عباده. الأمر يزداد تعقيداً عندما يكون المطبوع كتاباً، وذكرت سابقاً قصة ذلك المثقف اليمني، إذ ألف كتاباً أسماه «النبي والذئب»، سقطت الواو سهواً في المطبعة فأصبحت «النبي الذئب»، فخرجت عليه المظاهرات وكُفِّر في المجتمع. قبل فترة جلست مع السيدهاني فحص، واتفقت معه على أن أطرح عليه كل الإشكالات التي يوردها الآخر لأسمع رده، باعتباره مفكراً إسلامياً من العيار الثقيل، وكي نستطيع أن نرد على كل الأطروحات غير المعرفية التي تقول: «إن الإسلام لا يصلح للحياة». فقد أثبت العقل والأدلة النقلية فضلاً عن التجارب الملموسة أن الإسلام هو المنقذ للبشرية من آلامها، وأن الخطأ إنما يكمن في المسلمين. الإسلام يرفض قطع رقاب الأبرياء هذا موضوع، أما الموضوع الآخر الذي أحب أن أتطرق إليه فهو كيف نحفظ شبابنا في ظل تغيرات العالم. في ظل هجمة الحداثة الفكرية لاشك أننا بحاجة إلى وقاية إسلامية كبرى، من خلالها نعرض الصورة الجميلة لهذا الإسلام الكبير، فيجب أن نفكر في الأسلوب الذي من خلاله نستطيع أن نرجع شبابنا إلى جو التديّن والإيمان والاعتدال في ظل صرعة الحداثة والتقليعات الغربية. هرول بعض أبنائنا إلى هذا الانفتاح بطريقة غير انتقائية، وجزء من هذا الهروب بسبب قوة عرض الآخر وضعف العرض بالنسبة إلينا.

جلسنا مع السيدهاني فحص أكثر من أمسية، ودار حوار كثير حول قضايا سياسية وإسلامية... بعضها عرض في الصحافة، وكان العرض في غاية الجمال، وذلك لقوة العارضين لهذا النقاش الحيوي وخصوصاً الأمسية الجميلة في منزل وكيل الشئون الإسلامية، مع ملاحظتي أن بعض العبارات جاءت مبتورة، فربما أربكت المعنى في فهم مبتنى الفكرة، وهذا لا يمثل إلا 2 في المئة من المقابلة، والحق يقال إن التغطية كانت موفقة.

الحوارات التي دارت مع السيد كانت جميلة ومثمرة، قد أقوم بطرح بعضها في الصحافة، لكن هناك نقطة مهمة جديرة بالتنبيه، إنني اعتمدت طرح الأسئلة الحساسة على السيد، والإشكالات التي تطرح على الإسلاميين، السياسية منها والثقافية والدينية، والتي كانت خلاصة حوارات ونقاشات دارت شخصياً بيني وبين بعض الشباب البحريني المتأثر بالغرب.

قبل أسبوع، جلست مع مجموعة كبيرة من الشباب البحريني أعمارهم لا تتجاوز العشرين، وكنت أسألهم عن سر عدم تدينهم أو سبب تأثُّرهم بالغرب، فكان النقاش طويلاً استمر ساعات. أسئلتهم اخذتها، ورحت أعرض بعضها على السيد لتحريك النقاش ومعرفة الإجابات، وبعضها أيضاً طرحتها على السيدفضل الله.

نقاشي مع هؤلاء الشباب كان مثمراً، وكانت أسئلتهم كالآتي:

لماذا أُلغيت الدنيا؟

- أجبتهم: إن الله يقول «خذوا زينتكم عند كل مسجد» (الأعراف: 31)، «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق» (الأعراف: 32). الرسول يقول: «الدنيا أولى بها أبرارها لا فجارها».

لماذا تنسبون كل نظرية إلى القرآن؟

- قلت لهم: لا أحد ينسب كل نظرية علمية إلى القرآن، لأن النظريات تتغير، وما قام به بعض الخطباء من إسقاط كل نظرية على القرآن كان أسلوباً خاطئاً، لكن في القرآن إعجاز علمي كبير. وسردت لهم بعض الآيات. هذه الأسئلة طرحتها على السيد لأرى إجاباته، وسأعمل على نشر ذلك.

المهم، كيف نستطيع جذب هؤلاء إلى جو التديُّن؟ بالحوار والنقاش والأخلاق، فهؤلاء هم أبناؤنا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً