توقعت دراسة حديثة ان يزداد استهلاك دول مجلس التعاون الخليجي من الأسمنت بحصة تفوق نسبة 35,8 في المئة مع نهاية العام 2006، وعزت الدراسة التي أعدتها شركة جلوبال السبب في ذلك الى رواج نشاط التشييد الجاري بصورة كبيرة والمتوقع حدوثه في عموم دول المنظومة الخليجية. وأشارت الدراسة الى ان دول مجلس التعاون الخليجي حازت على حصة كبيرة من اجمالي انتاج واستهلاك الأسمنت بين دول إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يعد نصيب الفرد الخليجي من الاستهلاك الأعلى على مستوى المنطقة العربية، بسبب تنفيذ مشروعات التشييد عالية الكلفة.
وقدرت الدراسة انتاج دول مجلس التعاون الخليجي من الأسمنت بـ (40,3) مليون طن في نهاية العام الماضي 2003 بنسبة ارتفاع بلغت 11,3 في المئة عن العام 2002 وقد حقق استغلال الطاقة الانتاجية المقررة للأسمنت مستويات أعلى بلغت نسبتها 100,8 في المئة، وهو ما يعد المعدل الأعلى على مستوى إقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
كما قدرت الدراسة استهلاك دول الخليج من الأسمنت بمقدار 38,3 مليون طن خلال العام 2003، اي بنسبة ارتفاع بلغت 27,2 في المئة عن مستواه في العام الذي سبقه وعند هذا المستوى من الاستهلاك يبلغ نصيب الفرد الخليجي من الاستهلاك نحو 1,051,0 كيلوغرام وهو أعلى معدل تحقق حتى الآن بنسبة ارتفاع بلغت 15,8 في المئة عن العام 2002 ونوهت الدراسة بأن نسبة استهلاك الأسمنت في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت نحو 33,4 في المئة من اجمالي استهلاك دول إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2003 مقابل 28,1 في المئة سجلت خلال العام 2002. هذا وتتهيأ مختلف الدول لمواجهة ارتفاع حجم الطلب المتوقع عن طريق اجراء توسعات في الطاقة الانتاجية لكل من الأسمنت والكينكر. كما ذكرت الدراسة ان بعض دول المجلس شجعت واردات الأسمنت لفترة مؤقتة لمواجهة الطلب المتزايد على هذه المادة الاستراتيجية، كما توقعت الدراسة ارتفاع معدل النمو السنوي في حجم الطلب على الأسمنت الى نحو 9,5 في المئة. كما قدرت الدراسة انتاج دول مجلس التعاون الخليجي من مادة الكينكر بمقدار 35,1 مليون طن في نهاية العام 2003، اي بنسبة ارتفاع بلغت 19,7 في المئة عن المستوى المحقق خلال العام الذي سبقه.
قد نبهر بهذه الأرقام للوهلة الأولى، فقد يعتبرها البعض تعبيرا عن نهضة عمرانية تعكس نشاطا اقتصاديا متناميا يعبر عن حال اقتصادية صحية.
لكننا نلفت نظر القارئ الى بعض الحقائق التي تستحق التوقف عندها.
صناعة الأسمنت والكينكر من الصناعات ذات النسبة العالية من التلوث التي تتطلب أنظمة وقوانين بيئية صارمة لابد من التقيد بها حفاظا على سلامة البيئة وصحة المواطن، فهل ذلك معمول به في صناعة الأسمنت الخليجية؟
منتجات صناعة الأسمنت والكينكر في بلادنا تستهلك في الكثير من الاحيان في بناء ممتلكات فردية فارهة وليس في تشييد مؤسسات صناعية منتجة ذات قيمة مضافة للاقتصاد، ومن ثم فالهدر يصبح مضاعفا لدينا.
نسبة عالية - إن لم يكن كل الأسمنت - من الأسمنت العربي المنتج محليا يستهلك أيضاً محليا ومن ثم فليست هناك اموال ترد عن طريق التصدير. بل ان الدراسة تشير الى اننا لانزال نستورد الأسمنت لتغطية الزيادة في الاستهلاك.
لماذا لا نرشد الاستهلاك الأسمنتي أولا، ونوجه رؤوس اموالنا نحو صناعة اكثر نظافة وأوفر ربحا ثانيا؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ