مع حلول عيد الفطر المبارك من كل عام يسارع المسلمون الى دفع زكاة الفطرة. وزكاة الفطرة هي الصدقة التي سُميت بذلك لأن «عيد الفطر» هو سببها، وقد فرضها النبي (ص) - كما روى ابن عباس - «طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمة للفقراء والمساكين».
والمعروف عن أهل البحرين كرمهم واستجابتهم لما يفرضه الدين من زكاة لاموالهم وأفعالهم، ولكن الغريب هو أن بعض من يجمعون الزكاة يرسلونها الى خارج البحرين. وإذا علمنا ان الحقوق الشرعية التي تدفع في فترات أخرى من السنة يخرج جزء كبير منها خارج البحرين، فلننتبه الى عظم المشكلة. لدينا في البحرين حال من الفقر الشديد والمتسع مع الايام، ومن لا يصدق فما عليه الا إجراء إحصاء عن الاعداد المتزايدة للمتسولين في كل مناطق العاصمة، والذهاب الى القرى واحياء المدن الفقيرة، والدخول الى منازل المواطنين الذين لا يجد بعضهم قوت يومه.
نعم، لدينا فقر في البحرين، ويجب ان نعترف بذلك، ويجب ان نوجه اموال الحقوق الشرعية لانقاذ الفقراء، كما يجب علينا دعم الصناديق الخيرية للتحول الى برامج مستديمة من أجل مكافحة الفقر، وهو ما دعا اليه اعضاء اللجنة التحضيرية للاتحاد العام للصناديق الخيرية الذين يتعطل مشروعهم بسبب انعدام المساندة الرسمية لنشاطاتهم.
إن المملكة العربية السعودية أشجع منا عندما اعترفت حكومتها بوجود مشكلة الفقر في أغنى بلد نفطي في العالم. ففي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، وعقب جولة قام بها ولي العهد السعودي سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز على الأحياء الفقيرة في الرياض، حيث استمع إلى شكاوى السكان من الفقر الذي يعانون منه، دعا سموه إلى الاعتراف بوجود هذه المشكلة في المقام الأول، تمهيداً لمعالجتها ضمن برنامج وطني شامل، داعياً إلى توفير فرص العمل للعاطلين، وحاثاً الأغنياء في المجتمع السعودي إلى المساهمة في هذه الجهود.
وقد خصصت الامم المتحدة 14 أكتوبر/ تشرين الأول يوماً دولياً للقضاء على الفقر. ويهدف هذا اليوم الى تعزيز الوعي بالحاجة إلى الحد من الفقر، وتذكير جميع الشعوب بأن للجهود المستمرة والمتضافرة أهمية حيوية لتحقيق النتائج المرجوة للأهداف الإنمائية للألفية بحلول العام 2015. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الى انه ومع «تبقي 10 سنوات على حلول الموعد المحدد، لا تزال الأهداف قابلة للتحقيق وممكنة».
إن البحرين ليست بلداً فقيراً، ولو كانت كذلك لما زادت الثروة الوطنية عاماً بعد عام بحسب احصاءات وزارة المالية. ولكن الغريب هو ان مستوى المعيشة للمواطن العادي - وحسبما أشارت إليه مؤسسة «ماكينزي» - انخفض ومازال سائرا الى الانخفاض، ما لم يعاد صوغ النهج الاقتصادي بحيث يتم تدوير المال العام والثروة الوطنية بما ينشط الاقتصاد.
إن الاحصاءات تشير الى ان أثرياء البحرين لديهم على الأقل 20 مليار دولار خارج البحرين، وهذا رقم ضخم جداً اذا لحظنا أن الناتج القومي السنوي للبحرين يعادل 8 مليارات دولار، وموازنة الحكومة السنوية نحو 3 مليارات دولار. أضف الى ذلك أن العمال الاجانب يحولون الى بلدانهم (من البحرين) أكثر من مليار دولار سنوياً. اذا كانت كل هذه المليارات توجد في البحرين فلِمَ يزداد لدينا الفقر؟ ولِمَ ينخفض مستوى المعيشة؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ