دفاتر جديدة لحسابات أخرى سيجري فتحها في هذه الفترة، إذ فقدت الأمة رمزين قياديين ظللنا ردحاً من الزمان نرجو ألا يغيبا عن الساحة السياسية لما لهما من ثقل، ولما عُرفا به من دأب في سبيل تحقيق حلمهما، الأول هو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي سخر فطرته النقية لبناء دولته وتكتيلها من بعد أن كانت إمارات متناثرة لا رابط بينها ولا هوية جامعة لها.
والثاني ياسر عرفات الذي أذكى بنضاله وانصهاره في قضيته، مسألة الشعب الفلسطيني من المقيمين في الأراضي المحتلة والمهجّرين.
رجلان غادرا متتابعين في هذا الشهر المبارك تاركين وراءهما الكثير من الأسئلة التي تم تأجيل الإجابة عنها، وتأخرت بالتالي البدائل التي لم تكن ترجو أن تزاحم المشهد وسط ابتهالات ألا يصابا بأي سوء.
وإذا كان المشهد الإماراتي امتداداً طبيعياً للنسق المعتاد من تناقل السلطة السلس في مسألة التوارث، فإن «وراثة» الحبال التي عقدها عرفات ولا يحسن حلها إلاه، ستكون في غاية الصعوبة على من سيكون مكانه، ذلك أن التقبل الجماهيري والالتفاف سيكون حاسماً في هذا الأمر بالنسبة إلى القيادة الجديدة، وهذا ما لا يتوافر - بشكل مستريح - لأي من الوجوه القيادية الثلاثة اليوم.
محللون يقولون ان «حجم» عرفات كان من الضخامة ليملأ المشهد بكامله، فيغطي على أي من الفعاليات الأخرى، وبالتالي فإن غيابه سيسمح لوجوه أخرى أن تبرز وتأخذ دورها في مواصلة المسيرة بالثوابت نفسها.
المشهد الفلسطيني يبدو مستقراً إلى الآن، وكل الخشية أن يسمح غياب «الرمز» أن تصحو «الرموز» الدفينة داخل من يظنون في أنفسهم القدرة على قيادة الشعب الفلسطيني، والذين كانوا يتقلقلون على مقاعدهم بينما عرفات محاصر في مقاطعته، وبالتالي يدخل هذا الشعب محنة البحث عن «رجل» بدلاً من ترسيخ المؤسسة
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 799 - الجمعة 12 نوفمبر 2004م الموافق 29 رمضان 1425هـ