العدد 798 - الخميس 11 نوفمبر 2004م الموافق 28 رمضان 1425هـ

قانون التجمعات يشمل المواكب الحسينية أيضاً

سيد جعفر العلوي comments [at] alwasatnews.com

قانون التجمعات المزمع مناقشته من قبل البرلمان له عدة جوانب خطيرة:

1- إنه يعطي الحق في المنع والموافقة لشخص واحد هو المحافظ، وبالتالي لوزارة الداخلية، التي هي في العادة تحسب حسابات أمنية معقدة وحساسة تجاه كل تجمع.

2- إنه يشمل المواكب الحسينية، لأن الاستثناء المذكور في النص هي الاجتماعات الدينية التي تتم في دور العبادة، ومن المعروف أن المواكب الحسينية تطوف الشوارع، وبالتالي فإن القانون يتعرض لها بصريح العبارة، ويجعلها عرضة للموافقة والمنع.

3- إنه يشمل الندوات والمحاضرات بمختلف صورها سياسية أم ثقافية أم صحية الخ، بل يشمل باطلاقيته حتى اللقاءات العامة الاجتماعية، مثل حفلات الزواج، الخاصة بأفراد أو الزواج الجماعي لأن معظم حفلات الزواج تلك مفتوحة للجميع، وليست مخصصة بشكل شخصي بالمدعوين فقط.

4- تدخل الأجهزة الأمنية لفض أي اجتماع عام قد تم رفضه، بما يتطلبه ذلك من قوة باسم الحفاظ على القانون، وما يؤديه من استخدام مختلف أنواع الأدوات والأسلحة بحسب تقدير الضابط لفض التجمع المرفوض، ومن مواجهات واعتقالات.

5- العقوبات التي ستنزل على كل من دعا الى اجتماع عام، ولم يأخذ رخصة من قبل المحافظ، وتلك التي ستنزل على من شارك في اجتماع مرفوض من قبل المحافظ.

هذه بعض الصور من المخاطر التي سيسببها تطبيق القانون على الحريات العامة التي ظل يتمتع بها الشعب منذ الأزل، وإذا كانت قراءتي - المعتمدة على رأي بعض المحامين - غير صحيحة، فأرجو من الحكومة توضيح أية التباسات في فهمنا الخاطئ إن وجد، على أن يكون توضيح الالتباسات من نص القانون، وليس خارجاً عنه.

أريد هنا التركيز على المواكب الحسينية فقط، باعتبارها واحدة من المكونات الدينية والثقافية العريقة للشعب البحريني منذ مئات السنين. فهذه المواكب يتطور شكلها وتتطور وسائلها، إلا أن مضمونها ديني واحد في نظر الناس، باعتبارها تخليداً لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)، وكذا وفاة الرسول الأكرم (ص) وأهل البيت، وقد جرت العادة أن تخرج المواكب في المدن والقرى بشكل طبيعي، وبتنظيم داخلي من الأهالي. وكل الدعوات بتنظيمها من قبل الأجهزة الرسمية كانت مرفوضة من قبل الناس، باعتبارها مسألة تخص المعتقدات، وهم أحق بتنظيمها. صحيح أن الأجهزة الأمنية تنظم لقاءات ومشاورات واجتماعات مع مسئولي الحسينيات أحياناً، ولكن لأجل ضمان أمن هذه المواكب وسلامة المشاركين فيها، ولعدم وقوع اختلافات بينهم، ولم تكن تلك الاجتماعات للحصول على أذن وموافقة كما يدعو إليها القانون الجديد.

لقد كانت هناك محاولة من قبل أحد النواب قبل عام تقريباً بشأن حصر المواكب الحسينية في الحسينيات فقط، وقامت القيامة عليه، واليوم يتصور الكثيرون بسبب قراءتهم السريعة بأن المواكب الحسينية مستثناة، بينما لا توجد أية اشارة لذلك، وإنما هناك نص واضح بأن الاستثناء هو «الاجتماعات الدينية المحضة التي تتم في دور العبادة»، وبالتالي فالمواكب الحسينية غير مستثناة مطلقاً.

سيناريو التطبيق لهذا القانون حين يشمل المواكب الحسينية سيكون بتصوري هكذا. طبعاً معظم المواكب سترفض أخذ الرخصة من المحافظ، فذلك مستحيل في نظرهم، وستغض الحكومة الطرف في السنوات الأولى لتطمين الناس كما هي العادة في الكثير من القوانين التي يُهمل تطبيقها لدواع مختلفة، ولكن الحكومة ستتدخل في أية لحظة لتطبيق هذا القانون حين ترى ذلك مهماً في أي مفصل زمني تراه مناسباً بحجة تطبيق القانون.

أود أن أعيد للذاكرة العامة حادثة، كان الوالد المرحوم السيدكاظم العلوي يرويها لنا باعتباره رئيساً للمواكب الحسينية في المنامة لعدة عقود. ففي الخمسينات، وبعد حوادث انتفاضة 56، وفي أيام عاشوراء تحديداً علم والدي بخطة المستشار الانجليزي في الاجتماع بمسئولي المواكب في المنامة، وأخذ تعهد خطي منهم لضمان الأمن العام. وفعلاً أرسل المستشار خطابات الى والدي والى مسئولي بعض الحسينيات، وحين جاء الموظف الرسمي بخطاب المستشار الحاكم آنذاك، رفض والدي حتى تسلمه. ثم اجتمع مع مسئولي الحسينيات الأخرى الذين بدا القلق واضحاً عليهم من خطاب المستشار، وقال لهم بشجاعته المعهودة، ستخرج المواكب الحسينية كعادتها، ولن نوقع أي تعهد، فهذه المواكب تخرج لغاية حسينية واضحة، ولم يحدث منها خطر أمني، وسنستمر على عادتنا السنوية. وهكذا تم إبطال محاولات المستشار لجرّهم للحصول على أذن وتعهد. هكذا جرت سيرة الناس في هذا البلد من قديم

العدد 798 - الخميس 11 نوفمبر 2004م الموافق 28 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً