أينما ينظر المرء في تاريخ رجل مثل ياسر عرفات فانه مع شخصية لازمت وجدان من سعى لخدمة فلسطين من الانسانيين والمسلمين والعرب، وهي في وجدان كل فلسطيني اولا وأخيرا.
ياسر عرفات ودع شعبه الذي وصفه بشعب الجبارين، وهم فعلاً جبارون صمدوا وسيصمدون امام الجبروت والطغيان والاحتلال والانحياز الاميركي ضد قضيتهم وقضيتنا العادلة.
عرفات كان أسطورة حرك الحوادث وهو في أي مكان، ولم تستطع أية قوة تجاوزه... لانه كان أكبر من شخص ... كان رمزا لقضية، وحياته كانت من حياة شعبه.
احتار فيه من التقى به من أجل المفاوضات فهو كان رجلا اكثر من سياسي احترف السياسة من أجلها.. فالسياسة كانت دخيلة على حياته، ولذلك تعبت معه وهو لم يتعب منها.
كنت من ضمن المشاركين في المؤتمر العالمي لحقوق الانسان الذي عقدته الامم المتحدة في فيينا العام 1993، وكنت قريباً من القاعة الرئيسية، وفجأة اهتز المكان ... «وصل ياسر عرفات» ... كانت بيني وبينه ثلاثة أو أربعة أمتار، ولكنني لم أر حتى ذرة من جسمه بسبب الازدحام حوله، ولم أعرف هل استطاع الخروج من القاعة من دون ان يصاب بسبب الازدحام حوله ... وبعد فترة وجيزة تسلم منصة القاعة الرئيسية والقى احدى خطبه متحدثا عن مطالبته بـ «سلام الشجعان» ... وبعد التصفيق الحار جدا من المؤتمر، وخروجه من القاعة الى حيث ستقله طائرته كرر ما قاله علينا ولكن بجمل أخرى ... فلديه أكثر من تصريح بليغ وأكثر من حديث ذي شجون يقوله أين ما حل وأمام أي حفل يختار الحديث اليه.
عرفات قاد شعبه أربعة عقود من الزمن ورأى جزءا من حلمه في تحقيق سلطة فلسطينية في الطريق الى الدولة الفلسطينية، وفي ختام رحلته الطويلة، أسلم الروح الى ربها، وودع شعبه «شعب الجبارين»
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 798 - الخميس 11 نوفمبر 2004م الموافق 28 رمضان 1425هـ