العدد 797 - الأربعاء 10 نوفمبر 2004م الموافق 27 رمضان 1425هـ

ابتعدوا عنا ... وأريحونا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لن أكتب عما دار يوم أمس الأول في مجلس النواب، على رغم أنني انزعجت كثيراً منه وانزعجت من كثرة المكالمات الهاتفية والرسائل النصية التي تحثني على أن أدلو بدلوي... ليس لانه لايوجد لدي ما أقوله، ولكن لأنني أعتقد ان اعضاء مجلس النواب إنما هم انعكاس لواقعنا الاجتماعي، وواقعنا الاجتماعي انعكاس للتوجه الحكومي (اذ مازالت الحكومات هي الاكثر تأثيراً من اي جهة أخرى في صوغ ما يدور في اي مجتمع) ... سأمسك قلمي احتجاجاً على ما جرى، لاننا لم نستفد من اعضاء مجلس النواب الا المزيد من تنافر أبناء المجتمع، والتهديد باصدار قوانين القمع، و الانشغال بالمقترحات والابتعاد عن التشريع (عدد القوانين الصادرة عن أعضاء البرلمان مازال يساوي صفرا) والابتعاد عن المراقبة (البرلمان ليس معنيا بتقرير ديوان الرقابة ولم يطلب حتى رؤيته ومناقشته)...

سأحاول الابتعاد ان استطعت ... فالمجتمعات اليوم تتقدم على اساس المعرفة والخبرة، اما نحن فما زلنا نعيش في الماضي وفي الأحقاد. مازلنا نتحدث عن النفط على رغم انه سينتهي، وفي البحرين أصبح قاب قوسين او ادنى من الانتهاء، بعد ان تغيرت الاتفاقات مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، التي لولا كرمها على البحرين خلال السنوات الماضية لما استحقينا ان نسمى دولة نفطية، فليس لدينا سوى 35 الف برميل يوميا، اما الباقي فيأتي من حقل «ابو سعفة» ومن الأنبوب الممتد ما بين السعودية و«بابكو».

وبدلاً من أن يناقش البرلمان كيف نصوغ سياستنا المالية، فانه يتنافس مع الوزراء على «المغانم» التي بدأت تنضب. ولكي ينشغل الفقير عن جوعه تثار بين الفترة والأخرى ضجة مفتعلة لكي ننحر أنفسنا ونبذر طاقاتنا في كل جانب. فلا نكاد ننتهي من تحشيد بعض الجهات المعارضة وتحشيد مضاد من قبل بعض الجهات الرسمية، نجد البرلمانيين الذين لا يجدون ما يفعلونه مقابل ما يستهلكونه من موازنة الدولة سوى انهم يتناحرون على بيان عن «الفلوجة» أو «النجف». وودت لو أن أعضاء البرلمان ذهبوا الى هناك (الى الفلوجة والنجف) وانشغلوا بمشكلات العراق وتركونا لحالنا نتدبر شأننا من دونهم ومن دون وجع الرأس الذي يسببونه لنا بين فترة وأخرى ... والأنكى من كل ذلك أنهم يقومون بذلك باسمنا، بصفتهم ممثلين عنا.

اعرف أنني لم استطع ان اوقف قلمي عما حدث أمس الأول على رغم انني وعدت بأن اتحدث عن الفقراء في آخر شهر رمضان، عن وضعهم الذي يزداد سوءًا، وعن أعدادهم التي تزداد، في الوقت الذي ترفض الحكومة ويرفض البرلمان الاعتراف بأن لدينا فقرا حقيقيا، ويرفضون التوجه إلى معالجته وتوفير معلومات حقيقية عنه...

أعترف بأنني لن أستطيع أن أتحدث عن الفقر والفقراء، لان لدينا من هم أفقر من الناحية السياسية... فلا يكفينا أننا سنفتقر الى النفط لكي يذكرنا السادة النواب باننا فقراء جدا في السياسة، ولا نفلح الا في اشعال المشاعر الطائفية... فهذا هو ديدننا. التحشيد والتحشيد المضاد ينمط طائفيا، البيانات التي لا تضر ولا تنفع والصادرة عن البرلمان تتحول الى مصيبة طائفية، وكل شيء يتم تحويله الى هذا التنميط المستهلك، الذي استهلكنا معنوياًّ ومادياًّ... ولم يبق الا ان نخلق لأ نفسنا معركة على اشلاء ذبيحة نتنة...

أيها السادة ... أصدروا بياناتكم كيفما شئتم، وانشروها على الانترنت واتركوا صفحاتنا فارغة من دونها لعلنا نملأها بما ينفع مجتمعنا...

أيها السادة ... بعد ان تفرغوا من بياناتكم، اقترحوا ما شئتم من مقترحات، فأنتم أصبحتم بعيدين عن ابناء شعبكم (من السنة والشيعة) ... فهؤلاء لهم همومهم وهي تختلف عن همومكم. كما أنني أستغرب، إذا كنتم مهمومين بالنجف والفلوجة الى هذا الحد، فلماذا اذن لا تتبرعون بمعاش شهر واحد من معاشاتكم إليهم وتثبتون لنا انكم «قول وفعل»... واذا كنتم أبعد ما يكون عن ذلك، فابتعدوا عن البرلمان

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 797 - الأربعاء 10 نوفمبر 2004م الموافق 27 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً