يمكن لأي شخص أن يقلد مارلون براندو، الأمر سهل جداً، وجه عبوس وصوت من الأنف، ولكن قلائل فقط هم من يستطيعون أن يمتلكوا المهارة التي جعلت منه رمزاً خالداً في هوليوود.
هذا الممثل الحاصل على جائزتي أوسكار الذي توفي يوم الخميس 2 يوليو/ تموز الماضي عن ثمانين عاماً، بسط طرق التمثيل وهو الأمر الذي قضى على الطرق المسرحية الطموحة ليستبدلها بمناهج نفسية أكثر عمقاً لتقمص الشخصيات التي يقدمها.
أجيال من الممثلين الشباب تأثروا بأعمال براندو وظهوره في شخصيات متناقضة في أعمال مثل A Streetcar Named Desire و On The WaterfrontوThe Wild One، ليؤدي أدوار رجال مضطربين عاطفياً وخطرين في الوقت نفسه.
كان يمثل جسراً بين نقاء أبطال الشاشة الأوائل مثل كاري غرانت وغاري كوبر وجيل من الأبطال المتناقضين الشجعان الذين لعب أدوارهم نجوم مثل روبرت دو نيرو، وجاك نيكلسون.
يقول مارتين سكورسيسي مخرج فيلم Taxi Driver «بالنسبة إلى جيلي وإلى الأجيال التي تلته فإن براندو قدم الحقيقة والصدق بواقعية كبيرة، كممثل ثم كشخصية عامة»، ويضيف سكورسيسي «كل ما نعرفة عن قوة التمثيل الرائع على الشاشة ينسب اليه، عندما تشاهد أعماله مثل On the Waterfront أو Last Tango in Paris تشاهد أفضل شعار يمكنك تخيله، في حركة ديناميكية».
تأثير براندو بدأ منذ عقود مع ظهور جيمس دين، الذي تكيف مع سلوكات زميله الماهرة في عمله الذي انتهى سريعاً بطريقة مأسوية. بالنسبة إلى الأجيال اللاحقة، فإن براندو تميز بكونه الممثل الذي يستطيع ان يقدم جميع الشخصيات بجميع مراحلها العمرية بواقعية لا مثيل لها، وذلك في فترة شبابه وقبل أن يصبح مشهوراً، لدرجة ان راسل كراو سجل مرة أغنية روك بعنوان «أريد أن أصبح مثل مارلون براندو».
معاصروه أيضاً اعجبوا به وذهلوا لأدائه، يقول عنه طوني كرتيس: «مارلون براندو هو خلاصة ممثلي اليوم، وكل الممثلين منذ الخمسينات يقلدونه».
بدا وكأن الطريقة التي يؤدي بها أدواره تثير غضبه، وتطلق الجانب الدافئ في شخصيته كما تظهر فتنته وسحره وقسوته وضعفه وحتى شعوره الدائم بعدم الأمان، فاصلة ميزاته الشخصية تلك عن النزعة الشاذة والغريبة التي ميزته في مراحل حياته التالية.
تقول عنه ايف ماري سينت، التي شاركته بطولة فيلمon the Waterfront انه يستطيع ان يمزج النص الخيالي بأمور حياتية واقعية. في أشهر مشهد تظهر فيه ايف مع براندو، نراه يلتقط قفازها من الأرض ويستخدمه ليمازحها، بينما نراها في دور الفتاة الخجولة المتمنعة، وكتب هذا المشهد من دون ذكر لأي قفاز، لكن ما حدث هو أن سقط قفاز ايف أثناء التصوير خطأً فالتقطه براندو وبعد قليل وضعه على يدها، وهي الفكرة التي أعجبت المخرج إيليا كازان فطلب منهما إعادة المشهد وتم تصويره، تقول سينت: «حدث ذلك صدفة، ولو كنت أؤديه مع ممثل آخر لكان التقطه من الأرض ولم يفعل شيئاً ولكنا بدأنا التصوير من جديد من دون حدوث أي تغيير، ولكن مع براندو، العبقري، فان كل شيء يصبح مختلفاً»
العدد 796 - الثلثاء 09 نوفمبر 2004م الموافق 26 رمضان 1425هـ