من الصعب ايجاد فيلم خيال علمي جيد، لكن فيلمSky Captain and the World of Tomorrow لا يمثل واحداً من تلك الأفلام الجيدة وحسب، وليس واحداً من أفضل الأفلام بعدMinOrity Report فقط، لكنه أيضاً أحد أفضل أفلام هذا العام.
هذا الفيلم قائم على التناقض فهو يستخدم تقنيات المستقبل الرقمية ليبني أحد أحلام الماضي، وانجزه مخرجه ومؤلفه ميري كونران ببراعة شديدة، ليكون الناتج أحد أفضل افلام الاثارة والمغامرات لكنه أخفق للأسف في جعل قصة فيلمه مترابطة ومنطقية، هذا عدا عن استعارته للكثير من جزئيات وتفاصيل أفلام مثل Independence Day وفيلم المخرج Metropolis ، بل وحتى بعض ما ورد في مسلسلات بك روجر الشهيرة.
يلعب جود لو في هذا الفيلم دور جوي ستفين، أو قبطان الفضاء وهو طيار بطل يعيش في فترة نهاية الثلاثينات يمتلك طائرة ايرباص وقوة خاصة تتكون من عدد من الطيارين المختبئين بين الجبال الواقعة في شمال مانهاتن، وهو المخبأ الذي ينطلق منه قبطان الفضاء في أوقات الأزمات، وهو ذاته المكان الذي ينطلق منه في العشر دقائق الاولى من الفيلم ليصد هجوم اسراب الروبوتات الضخمة التي نشاهدها تجول شوارع نيويورك. أثناء الهجوم نفسه وعلى الأرض نرى صديقته (المستقبلية والسابقة) المراسلة بولي بيركنز (غوينيث بالترو)، وهي تلاحق الروبوتات محاولة التقاط ما امكنها من الصور للروبوتات ولما تعيثه في المدينة من فساد، وذلك ضمن مسعاها لفك لغز اختفاء عدد من علماء الأبحاث النووية بشكل غامض.
هنا لابد من الاشارة الى ان جميع ما يظهر في الفيلم من روبوتات وديكورات وما الى ذلك ليس حقيقياً، فيما عدا أبطال الفيلم مثل لو وبالترو وربما بعض الدعامات التي شكلت قاعدة يسير عليها الممثلون، أما الأمور الأخرى فليست سوى أشكال مرسومة رقمياً على شاشة كمبيوترية مثل الطائرات، والصواريخ، والقواعد العسكرية سواء الثابتة منها على الأرض أو تلك التي تطير في الفضاء، بل وحتى ناطحات السحاب.
طبيعة الفيلم ومساره تم تحديدهما منذ بدايات الفيلم وعبر المشهد الافتتاحي الذي نشاهد فيه منطاداً يفرغ حمولته من الأشخاص فوق مبنى امباير ستايت، وتضمن هذا المشهد معالجة للصور أظهرت الفيلم بألوان قاتمة، وكذلك التصوير من زوايا مستحيلة وجريئة.
كذلك لو حدقنا في زوايا الفيلم الخارجية المبالغة في الترف، لوجدنا بها شبهاً كبيراً لأفلام مثل Star Wars Indiana Jones ، فهناك رجل شرير ومجنون، وهو هنا شخص غامض يدعى توتينكوف تجول روبوتاته جميع المحطات الكهربائية ومحطات الوقود في العالم لأسباب تكشف لاحقاً في الفيلم.
كذلك فإن المحطات التي يتوقف فيها الاثنان قبل الوصول الى ديكس، مساعد القبطان الذي يختطفه الاشرار ويهب القبطان والمراسلة لانقاذه، هذه المحطات تمثل مشاهد تكررت في كثير من الأفلام القديمة، كمشهد احتجاز لو وبالترو في غرفة مليئة بقنابل الديناميت، وكذلك أحد المشاهد الأخيرة في الفيلم التي تتضمن مشهد السباق عبر جسر ضيق فوق هاوية منحرفة، والذي نرى فيه البطل يلهث مسعوراً محاولاً قطع بعض الاسلاك لايقاف العد التنازلي لقنبلة نووية، وهو مشهد بدائي بل ويمكن وصفه بالمبتذل.
تم تصوير الفيلم اساساً بالأبيض والأسود ثم تم تلوينه رقمياً، ما جعل الكثير من تصاميمه وديكوراته متألقة تعبر الى حد كبير عن النظرات المتفائلة للمستقبل في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، كذلك جاءت عناصر الخيال العلمي مقتبسة من النظرة السائدة للمستقبل في العام 1939، وهكذا نرى الروبوتات التي هاجمت ديكس تملك مجسات تشبه تلك التي يحملها الفضائيون في فيلم The War of the Worlds وفي مشاهد أخرى يدمج كونران بين جزئيات عدد من الأفلام القديمة التي ظهرت في تلك الفترة.
على مستوى الممثلين والى جانب لو وبالترو نرى انجلينا جولي والراحل سير لورانس اوليفر، وظهرت جولي في دور القبطان فرانكي كوك، التي ترتدي رباطاً على احدى عينيها وهي ضابطة مسئولة عن ادارة قاعدة جوية طائرة تستقبل المسافرين، أما الراحل اوليفر الذي رحل منذ 15 عاماً، فقد استخدمت بعض مشاهد من أفلامه لتقديم شخصية توتينكوف (التي تعني الميت بالألمانية) وذلك من خلال مشاهد من فيلم The Wizard of.
أخيراً فإن التلاعب الرقمي في الفيلم يشير الى السينما في المستقبل، أما الاقتباس من الماضي فإن أسوأ مشاهده هي تلك التي يظهر فيها اوليفر على الشاشة، ناطقاً بكلمات لم يقلها ابداً لكن تم تركيبها
العدد 796 - الثلثاء 09 نوفمبر 2004م الموافق 26 رمضان 1425هـ