من منا لا يحلم بديمقراطية شريفة نزيهة تمارس في المنزل تبدأ من الأب والأم وتورث للأبناء؟ ولكن المشكلة في أن معيار الديمقراطية هو معيار نسبي وهنا يكمن الخطأ وإن صح التعبير... المصيبة، أن ما تراه أنت صحيحا يراه الطرف الآخر خطأ، بل والأدهى عندما تحسب الموضوع غاية في الخطورة ويحسبه الطرف الآخر من عداد توافه الأمور!...
ولكن كيف لنا أن نحل هذه الإشكالية في ظل وجود عوائل متفهمة لكل منها وجهة نظر خاصة؟ على أساسها تقيم وتحلل الموضوعات... ومن ثم تأخذ القرار الذي تراه صائبا ومناسبا... ومنه تبدأ المناوشات والمشكلات عندما تصطدم القرارات وليست الاقتراحات فكل طرف يحسب نفسه صاحب قرار وليس اقتراح!
الحل عزيزي القارئ بسيط... فما عليك إلا أن تضع دستورا عائليا في منزلك!.. نعم، دستور عائلي... فهو المنقذ والذي سيعامل كقانون يحدد من خلاله الآليات التي من شأنها أن تسير أمور منزلك بكل إنسيابية ومن دون أية مشكلات تعكر الصفو الأسري.
هذا الدستور الذي يتفق على آلياته الطرفان سيتم الرجوع إليه كلما حدثت مشكلة، وعلى الطرفين أيا كانا الامتثال إلى أحكام هذا الدستور المنزلي والابتعاد عن أية كبرياء أو (جمبزة) وتعالٍ، ولا بأس من استخدام آليات الضغط السلمية وحشد الأصوات (أفراد العائلة الباقية) أو أدوات الضغط الخاصة بعيدا عن إسداء التهديد والوعيد والتذكير باستخدام العقاب والثواب.
هذا ويمكن أن يطور هذا الدستور العائلي مع المستجدات في العائلة، فهو دستور عقدي بين الاطراف وليس بآيات منزلات من السماء وضعها الشريكان الديمقراطيان لتسيير أمورهما وأمور عائلتهما من أي زل أو خطر.
أرأيت عزيزي القارئ كيف لك أن تحل مشكلاتك العائلية بأسلوب حضاري وراق وجميل؟!... ولكن... هذا الأسلوب الذي تكلمنا عنه... هل يستحمله أحد الأطراف إذا ما كان الطرف الآخر ذكيا - وإن صح التعبير ماكرا - يعرف كيف يتحايل على هذا القانون الذي وضعته أنت ووافقت عليه أنت وشاركت في صوغه أنت والمتضرر منه هو أنت؟!... هل تستطيع أن تتحمل أو أن تشارك في لعبة سياسية طويلة الأمد... كثير من جولاتها خاسرة ويمكن القليل منها رابحة؟!... أم أنك تفضل العودة الى نظام (سي السيد) حفاظا على رجولتك وكبريائك و(رزتك) في بيتك وخارج بيتك وأمام عائلتك على وجه الخصوص حتى لا تقابل بالنظرة الدونية من أناس لا يقدرون أو لا يعرفون معنى وأهمية الدستور العائلي أصلا؟!... فالديمقراطية ضريبتها غالية... فهل تستطيع أن تدفع هذه الضريبة أم تفضل الجو المشحون والمتوتر؟!... فأنت الحكم .. وإن أردت فيمكنك أن تبدأ من الغد وتسمي هذه المرحلة الجديدة بإعادة بناء البيت الداخلي أو عمل إصلاحات في البنية التحتية في العائلة... على كيفكم.
إضاءة
موظف يعمل في خزينة مصرف يكرر يوميا... العين بصيرة... واليد قصيرة والنفس أمارة بالسوء... والله يستر؟
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 796 - الثلثاء 09 نوفمبر 2004م الموافق 26 رمضان 1425هـ