يخطئ من يظن العراق مقبلاً على انتخابات حرة نزيهة يمكنها أن تحدد مصير شعبه وفق إرادته الفعلية، ويكون الخطأ مضاعفاً مع فوز الرئيس جورج بوش بولاية ثانية، وبقاء إدارته «إدارة الشر» تحوك المؤامرات للإطاحة بأنظمة عربية وإسلامية أخرى. حلم الانتخابات الحرة النزيهة في العراق وهمٌ، وإعلان حال الطوارئ من حكومة إياد علاوي «العميلة» بداية التنصل من هذه الانتخابات بدعوى التدهور الأمني، الذي كان من صنيعة الحكومة نفسها والأميركان والعصابات المدربة لإحداث الفوضى عبر سياسة الاغتيالات والتفجيرات في المدنيين. ما يحدث الآن في الفلوجة من همجية لا يمكن تبريره أبداً من قبل الحكومة العراقية، ولا يخضع في تداعياته الخطيرة للمحرك الطائفي أبداً، فالاستعدادات الكبيرة من قبل الأطياف الشيعية للانتخابات المقبلة بغية تفويت الفرصة على الاحتلال للتنصل من التزاماته، مع أن التنصل بدأ فعلا بإعلان الطوارئ، وهو بداية لإحكام القبضة على العراق كله، وليس الفلوجة الصامدة فقط، تمهيداً لإلغاء الانتخابات والتمديد لهذه الحكومة العميلة التي ستنفذ كل رغبات الأميركان، وستضرب الشيعة والسنة معاً، والمسألة مجرد وقت، فالأميركان لا يريدون الممثلين الفعليين للشعب العراقي. الخيار الذي بدأ به مقتدى الصدر وحورب على المستوى الشيعي، سيعود من جديد إلى الساحة بعد أن تفقد الأطياف الأساسية خياراتها في انتخابات حرة نزيهة، وتكتشف الخدعة الكبيرة، إلا أن خيار المقاومة الذي ينتهجه أهل الفلوجة وخيار تجريب العملية السياسية حتى النهاية مهم جداً لإيجاد أجندة موحدة بعد الاستفاقة من الوهم. إن القمعة الأمنية التي توجه ضد الفلوجة وسامراء والوسط العراقي ككل ليست لإحكام السيطرة على الوضع الأمني المنفلت، وإنما لتفجيره بغية التنصل من الانتخابات، هكذا قرر الأميركيون وهكذا نفذ علاوي الخطة بدءاً بهجوم الفلوجة وانتهاء بإحكام القبضة على العراق كله