أكدت أحدث التقارير الصادرة عن وزارة التجارة أن احتساب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال مشاركة المستثمرين الأجانب في رؤوس أموال الشركات التي تؤسس في مملكة البحرين، بلغت حتى نهاية العام 2003 ما قيمته 5 مليارات و55 مليوناً و898 ألف دينار. وعلى صعيد الاستثمار الخليجي احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى في الاستثمار الخليجي في مملكة البحرين وبلغت نسبة استثماراتها 496 في المئة من إجمالي الاستثمارات الخليجية.
حسن جداً أن تطالعنا مثل هذه الاحصاءات التي تبشر بالخير والتي تشير إلى اهتمام الاستثمارات العالمية ومن بينها الخليجية في سوق الاستثمار البحريني. وبقدر ما تثلج صدرنا مثل هذه الأرقام فإنها تضع أمامنا مجموعة من الأسئلة التي هي بحاجة إلى شيء من الإيضاح والتمعن.
السؤال الأول هو: هل تمت مقارنة هذه الأرقام مع أرقام 2002؟ والقصد من المقارنة أولا والنشر ثانياً، هو وضع مقياس للحكم، فإن كان الأمر إيجابياً فمن الضرورة البحث عن السبب من أجل تعزيز عوامله، وإن كان هناك تراجع فمن أجل الحد من أو القضاء على - إن امكن - مسبباته.
السؤال الثاني هو: في أي القطاعات اتجهت تلك الاستثمارات؟ فمن الضرورة بمكان معرفة القطاع الصناعي أو التجاري الذي اتجهت نحوه رؤوس الأموال تلك. والقصد من وراء ذلك، معرفة القيمة المضافة التي ولدها ذلك الاستثمار وفرص العمل التي خلقها لليد العاملة المحلية. وفوق كل ذلك، هل راعى ذلك الرأس مال الوافد مقاييس الحفاظ على البيئة وتقيد بعدم مخالفة قوانينها، أم انه جاء إلى البحرين لأنها الملاذ له من تلك المقاييس البيئية الصارمة التي تفرضها عليه قوانين البلد القادم منها؟
السؤال الثالث هو: هل كان انجذاب هذا التدفق المالي عفويا وعشوائيا أم انه خطوة على طريق مدروسة وواضحة المعالم؟ والهدف من وراء هذا السؤال أنه في فترات معينة يتعافى الاقتصاد وتتدفق على السوق الرساميل الأجنبية التي لا تلبث أن تعود إلى موطنها الأصلي أو إلى سوق أخرى، إذ كان السبب وراء تدفقها إما الربح السريع المباشر كما يحدث في سوق الأراضي والعقار، وإما أنها اكتشفت ان البيئة الاستثمارية المتوافرة في السوق غير مناسبة ولا تحقق العوائد الربحية المتوخاة.
هذه الأسئلة تعبر عما يدور في أذهان بعض رجال الأعمال الذين بقدر ما يهمهم تدفق الرأس مال الأجنبي نحو السوق المحلية يهمهم أيضا أن يكون ذلك من خلال تحقيق فوائد مشتركة بين السوق المحلية والاستثمارات المحلية.
وختاما، ما نأمل ان تطالعنا به أرقام وزارة التجارة هو حجم الاستثمارات المحلية في السوق المحلية أولا، وحجم ذلك الذي غادر هذه السوق نحو الأسواق الأخرى ثانيا، والأسباب في الحالتين ثالثاً وليس أخيراً
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 795 - الإثنين 08 نوفمبر 2004م الموافق 25 رمضان 1425هـ