قد نستغرب عندما نسمع كلاما يخرج من رئيس مجلس النواب مطالبا باستخدام البلدوزرات في القضاء على مسيرات الشارع ليشبهها البعض بتلك العلاقة بين الجندي الاسرائيلي ورجل الشارع الفلسطيني الى الخروج عن الخط والتشبث بأجندة غير معروفة مبنية مبادئها لاسباب قد نعرفها او نجهلها!

كل ذلك ورد في الجو الحالي وعلى صفحات بعض صحفنا الى التعلقيات الساخنة في المجالس وغيرها.

لكن بنظرة فاحصة سنجد ان هذه اللغة وهذا الوصف الذي اغضب البعض من البحرينيين هو ذاك الاسلوب الذي تلقاه نخيلنا وتلالنا الاثرية بين وقت وآخر، ان لم يكن بصورة يومية... فلماذا الاستغراب؟

أبسبب اننا بشر لنا حواس تنطق وترى وتسمع بينما اثريات دلمون والنخلة لا يحظيان بذلك؟... فلا صراخ ولا معارضة ولا مسيرة في الشوراع... بل موت بطيء لاخفاء اثرهما من دون ادنى مسئولية.

ففي الماضي كانت التلال الاثرية تطمر وتخرب بازالتها عن طريق البلدوزرات من المواقع لتوزع فيما بعد بهبات وعطايا على غير البحرينيين الذين بعضهم لا يدري حتى ان كان يملك «هبة» من اراضي البحرين الشاسعة او سمع شيئا عن دلمون او تايلوس... حضاراتنا القديمة!

لكن ما كان في الماضي لايزال يحيا في الحاضر وفي وقتنا الحالي بل وحتى لحظة كتابة هذه السطور، ففي امس الاول طمرت البلدوزرات تلالا اثرية بالقرب من موقع قلعة البحرين القريبة من مزرعة خضراء صغيرة جدا على رغم ان هناك لافتة رسمية ظلت تقول على مدار ست سنوات عكس ذلك... لكن صوت البلدوزرات كما كان في كل مرة أراها مخربة دافنة لاي اثر دلموني او تايلوسي... وبالطبع النخلة من ورائها.

هذه ملاحظات مازلت ادونها... قد لا يعترف بها البعض او يرى ان ذلك مضيعة للوقت لكن الواقع يقول الكثير والتاريخ سيسجل الكثير ولن يبقى لاجيالنا سوى الحسرة والبكاء على واقع اخفى كنزا كبيرا لايزال يمثل عقبة في جمع المعلومات لعلماء الآثار والمهتمين لمدلولات قيام حضارة دلمون.

ان كان البعض طالب بضرورة استخدام البلدوزر لتكميم الافواه فان الوضع لا يختلف كثيرا مع نخلتنا المسكينة وتاريخنا... فلا قيمة للانسان ولا لتاريخه لان البلدوزر اصبح سمة بحرينية... اليس كذلك؟