إن جملة التعامل مع أية جهة لها صلة بالمراجعين أو المخلصين لها طابع خاص في التعامل، وهو الإثبات بل وإثبات حسن النوايا في التعامل من تسلم وتسليم المعاملات وهذا شيء طبيعي، كون الحصول على الخدمة أو الشهادة أو الحصول على المطلوب لا يمكن إلا بتحقيق المطلوب منك والشروط... إلى هنا والأمر طبيعي جداً.
ولكن الغريب في الأمر هو عندما تدخل في حوار (مجرد حوار) مع أي كان - أن تقابل بالمتلقي لك وقد أدخلك في خانة مظلمة وفي زاوية كريهة هي التخوين، وأن كل ما تقوله هراء ومبالغات! فما الجامع بينهما؟... لا أعلم.
أعرف مراجعاً دخل على أحد المديرين - ولن أذكر اسمه أو منصبه حتى لا يتصل بي يعاتبني كسابقيه - وعندما شرح المراجع المسكين قضيته للمدير وبالأوراق والإثباتات (وبمصطلح سيدضياء الموسوي بلغة الأرقام) ولا ننسى أن موقع هذا المدير هو أن يخدم هذا المراجع ويذلل له العقبات... لا أن يخونه... «وشنو إللي يضمن إلي أن إللي تقوله صج؟» فقد كان رد سعادة المدير على المراجع بتلك العبارة السخيفة... وكأننا جالسون في مجلس أو خيمة من خيام شهر رمضان!
وقصة أخرى... ذلك المراجع البائس الذي حفيت قدماه وهو يقدم ويراجع على ذلك الطلب المنحوس الذي ذابت أوراقه في يده، أتدرون ماذا كان جواب الأخ السكرتير عليه عندما رفض طلبه... الشيخ ما وافق! فما شأن الشيخ إذا كان الطلب المقدم مستوفياً للشروط! ولعله لو دخل أحدهم بهذا الطلب نفسه على الشيخ نفسه لتمت الموافقة!
يذكرني أحد الإخوة عندما حاول وباستماتة الدخول على المسئول ولم يستطع بأن الوصول إلى الرؤساء والملوك أسهل بكثير من الوصول إلى ذاك المسئول الذي يتطلب منك الصلاة ركعتين شكراً لله بعد خروجك من عنده سواء أنجز عملك أو لم ينجزه!
من هنا يتضح أنه مازالت وزاراتنا الخدماتية تمتلئ بالمزاجية والمحسوبية في الموافقة من عدمها في تقييم الطلبات... وأية طلبات... وكل الطلبات... من دون استثناء، فمازال القانون يتعطل عند الوصول إلى البعض، بل ينحني ذليلاً ومنصاعاً إذا ما وصلوا إليه، وإذا أردتم أن تعرفوا أكثر يكفيكم أن تسألوا أي مخلص يتردد على الإدارات الحكومية فلديه القصص والمغامرات الخاصة به والتي حصلت معه ومع غيره... وذكرنا لهذه النماذج لا يمنع من وجود المخلصين لهذا البلد... من مسئولين ومديرين... ولكن القلة القليلة من السالف ذكرهم يؤثر «فالخير يخص والشر يعم».
من هنا يجب... بل نتمنى من الجميع أن يثيروا ثقافة الثقة... ثقافة الاحترام المتبادل... ثقافة القانون... وأي قانون... فقط الذي يحمي الظالم من ظلمه والمظلوم من ظلم الآخرين، وإلا سنصل إلى سيادة قانون الغابة الذي سيحرق الأخضر واليابس... إن ظل فيها أخضر أصلا
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 793 - السبت 06 نوفمبر 2004م الموافق 23 رمضان 1425هـ