العدد 793 - السبت 06 نوفمبر 2004م الموافق 23 رمضان 1425هـ

نزيف التسلح يصادر موازنات التعليم والتنمية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يحقق مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في بريطانيا في مزاعم بشأن وجود مخالفات محاسبية تتعلق بعقود بين إحدى الحكومات الخليجية وشركة بريتش إيروسبيس لمعدات الدفاع.

ويتصل التحقيق بعقود سفر بين ثلاث شركات، هي بريتش إيروسبيس وروبرت لي انترناشونال وترافيلرز وورلد، تتعلق بالعقود مع تلك الحكومة.

وبدأ التحقيق بناء على معلومات نشرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية و«برنامج المال» الذي تبثه «بي بي سي»، بشأن وجود 60 مليون جنيه استرليني في شركة بريتش إيروسبيس سيستمز مخصصة لدفع رشا وعمولات لتسهيل الحصول على عقود دفاعية مع تلك الحكومة.

ووردت في تقارير التحقيقات قائمة بأسماء المستفيدين من تلك الرشا من بينهم بعض أفراد الأسرة الحاكمة في تلك الدولة ممن أشرفوا على صفقة أسلحة ضخمة بين تلك الدولة الخليجية والمملكة المتحدة التي حصلت من ورائها شركة بريتش إيروسبيس على مليارات الجنيهات الاسترلينية.

ومن بين تلك الرشا طائرة وسيارات ليموزين فارهة وتغطية نفقات عطلات لمن سهلوا عقد تلك الصفقات. بل إن الأمر وصل - كما ورد في تلك التقارير - إلى تقديم سيارة رولز رويس تبلغ قيمتها 170 ألف جنيه استرليني كهدية عيد ميلاد زوجة أحد الضالعين في الصفقة. ومن بين الرشا أيضاً جلب عاهرات لطيارين شبان من تلك الدولة ودفع فواتير ملاه ارتادوها للعب القمار.

وذكرت صحيفة «الغارديان» أن الرئيسة السابقة لمكتب مكافحة جرائم الاحتيال روزاليند رايت، كتبت لوزارة الدفاع في مارس/ آذار 2001 لتأكيد مخاوفها بشأن كمية الأموال التي تخصصها بريتش إيروسبيس لدفع فواتير الإقامة والضيافة.

كثيراً ما تشدنا مثل هذه الأخبار نظراً لما تحمله معها من عناصر الإثارة والتشويق في آن. لكن بعيداً عن عناصر التشويق والإثارة تلك، وعلى رغم سلبياتها على الاقتصادات الوطنية في الدول النامية التي لا يمكن ولا ينبغي السكوت عليها. لكن كل ذلك يبقى محدودا عند الحديث عن مضارها الأخرى.

تحضرني هنا بعض إشارات ذات العلاقة بتجارة وصفقات السلاح التي وردت في كتاب تجارة السلاح من تأليف غيدون باورز الصادر في العام 2002 والتي تقول انه بينما لا تتجاوز المساعدات الغربية للبلدان النامية عدة مئات من ملايين الدولارات، فإن حجم المبيعات العسكرية لهذه الدول يبلغ أرقاماً فلكية. فبين سنتي 1993 و1996 بلغ حجم التوريدات العسكرية الأميركية 124 مليار دولار، وحجمها من بريطانيا 42 ملياراً، وفرنسا 26 ملياراً، و«إسرائيل» 7 مليارات. هذا يعني ان حفنة المساعدات التي تقدمها تلك الدول بيدها الشمال تلتهمها صفقات سلاحها بيدها اليمين.

الأسوأ من ذلك كما جاء في الكتاب ذاته هو أن التسلح العسكري غير المنضبط، والذي يفوق احتياجات الدول النامية، يعمل على إنهاك الموازنات الضعيفة لتلك الدول ويحظى بحصة الأسد فيها تحت مبررات وهمية كثيرة، فتبقى القطاعات الأخرى مثل التعليم والصحة وغيرها تلهث للظفر بحصصها من الموازنة، لكن من دون جدوى

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 793 - السبت 06 نوفمبر 2004م الموافق 23 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً