العدد 2382 - السبت 14 مارس 2009م الموافق 17 ربيع الاول 1430هـ

قراءة مختلفة لقائمة «فوربس»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أصدرت مجلة فوربس قائمتها السنوية لأغنى أغنياء العالم، التي حوت الكثير من المعلومات تتعلق بتأثيرات الأزمة المالية العالمية على أعضاء تلك القائمة، مثل تراجع قيمة موجوداتهم بنسبة 23 في المئة، وعودة رئيس شركة «مايكروسوفت» لتصدر القائمة بثروة قدرت بـ 40 مليار دولار، واستمرار رئيس مجلس إدارة شركة «المملكة القابضة» الأمير السعودي الوليد بن طلال في الاحتفاظ بموقع الصدارة بين المليارديرية من العرب والمسلمين بثروة تصل إلى 13.3 مليار دولار.

من الأمور المهمة التي وردت في قائمة هذا العام، هي احتفاظ المليارديرية الأميركان بعشرة أفراد من بين العشرين الأوائل ممن تصدروا القائمة، بعد أن كانوا 4 فقط في قائمة العام الماضي، واستعادة نيويورك تصدرها القائمة بعد أن أزاحت موسكو التي كانت قد حصلت على موقع احتضان أكبر عدد من أثرياء العالم.

أول ما يلفت النظر في تلك القائمة هو استمرار الأفراد في الولايات المتحدة في الاستئثار بحصة الأسد في تلك القائمة، على رغم العويل الأميركي من تأثيرات الأزمة المالية، وانهيار بعض المؤسسات المالية الأميركية جراءها، بل ويترافق ذلك مع تراجع بعض الدول، مثل الهند، من المواقع التي احتلتها سواء على مستوى الترتيب، أو العدد. وإن كان للمرء أن يستشف شيئا من ذلك فهو أن واشنطن بقدر ما نجحت في شحذ قنواتها الإعلامية كي تبدو للعالم بأنها المتضرر الأكبر من تلك الأزمة، لكن الأرقام، الصادرة عن مؤسسات أميركية، تدحض مثل تلك الادعاءات، بدليل عدد ومواقع الأغنياء الأميركان في القائمة.

ثاني تلك الأمور هو أن الولايات المتحدة، نجحت بشكل أو بآخر في امتصاص جزء من صدمة الأزمة المالية من ناحية، كما استطاعت في الوقت ذاته تصدير نسبة أخرى منها من ناحية أخرى. ربما لم يكن التصدير متساويا على مستوى العالم، لكنه كان متناسبا إذا ما قيس بمستوى العلاقات التي تحكم اقتصاد البلدان المتأثرة بالاقتصاد الأميركي، ولعل الشواهد الهندية إحدى الأدلة الساطعة على ذلك، ويمكن أن يكون مصير رجل الأعمال الهندي انيل امباني الذي تراجع ترتيبه من المرتبة 6 في قائمة العام الماضي الى المرتبة 34 في القائمة الجديدة أبرز الأدلة من القائمة العندية، علما بأن ثروته قد تراجعت من 31.9 مليارا إلى 10.1 مليارات خلال السنة المنصرمة.

ولربما علينا أن نتوقع المزيد من الخسائر التي يمكن أن يمنى بها الاقتصاد الهندي في المستقبل القريب، عندما يشرع الرئيس الأميركي باراك أوباما، بحسب تصريحاته، في إعادة النظر في سياسة العهدة (Outsourcing)، ليس على الصعيد الداخلي الأميركي فحسب، وإنما على مستوى علاقة السوق الأميركية مع الأسواق العالمية من حيث اعتماد الأولى على خدمات تتلقاها شركاتها العملاقة من أمثال «مايكروسوفت» و «آي بي إم» و»إتش بي» من مراكز خارجية يقع معظمها في شبه القارة الهندية.

ثالث تلك الأمور هو أنه على رغم -وكما تقول القائمة- «من تراجع إجمالي الأموال التي يمتلكها هؤلاء، بنسبة تصل إلى 23 في المئة عن حجم ممتلكاتهم في 2007»، لكن ذلك لا يعني أكثر من انخفاضها من «4.4 تريليونات دولار إلى 2.4 ترليون دولار». هذا يعني أنه بينما تنعم حفنة من الناس لا يتجاوز عددها في أفضل الأحوال 1000 شخص، بتريليونات الدولارات، لايزال هناك أيضا مئات الملايين، هم من البشر أيضا، يكاد أن يصل دخلهم السنوي حفنة من الدولارات. هناك اليوم دول إفريقية، وخاصة تلك التي تقع جنوب الصحراء مهددة بموجات جوع كاسحة جرأء شحة الغذاء وارتفاع أسعار مواده.

رابع تلك الأمور، إن الإعلام الغربي، وعلى وجه الخصوص الأميركي منه، لا يكف، وتحديدا إبان أزمات الوقود والطاقة، عن تصويرنا نحن العرب، بامتلاكنا الثروات الطائلة، لكن القائمة تكشف عن أن أول ملياردير عربي قد جاء ترتيبه في المنصب رقم 22، وأكثر من ذلك فهو الأمير الوليد بن طلال، سليل إحدى الأسر العربية الحاكمة، أي لا ينحدر من بين صفوف أي من الأسر التجارية العربية. وتمتلك الولايات المتحدة علاقات حميمة مع الأسر العربية الحاكمة بما فيها الأسرة السعودية.

وخامس تلك الأمور، إننا في الخليج، كثيرا ما نتهم بامتلاك الثروات الطائلة، مقارنة مع الدول العربية الأخرى. وغالبا ما تطالبنا المنظمات العربية بتحمل التبعات المالية لأي مشروع عربي مشترك، وفي أحيان كثيرة تتطور المطالبة إلى ما يشبه اللوم غير المبرر.

قائمة «فوربس» تضيء لنا بعض الحقائق، فمن بين أغنياء العالم كان هناك 3 يحملون الجنسية المصرية، وهم من عائلة واحدة هي عائلة ساويروس، التي قدرت ثروتهم بنحو 9 مليارات دولار يوزعها نصيف ساويرس وشقيقه نجيب ساويرس وهما أبناء الملياردير المصري أنسي ساويرس.

سادس تلك الأمور، وربما في ذلك بعض الاندفاع العاطفي، لماذا لا تصدر إحدى المؤسسات العربية البحثية، قائمة سنوية تورد فيها قائمة بالدول التي تنهب الثروات العربية، وبقنوات مشروعة أو غير مشروعة. حينها مثل ما يعرف العالم اليوم أخبار مليارديريته، سيقف المواطن العربي على أسماء من ينهبه، وأكثر من ذلك كم من المليارات يتم نهبها سنويا

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2382 - السبت 14 مارس 2009م الموافق 17 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً