العدد 2382 - السبت 14 مارس 2009م الموافق 17 ربيع الاول 1430هـ

نختلف مع قرارات وزير العدل لأنها ضد الدستور

هادي حسن الموسوي comments [at] alwasatnews.com

نختلف مع وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة بشأن قراراته الوزارية الأخيرة لاعتقادنا بأنه يخالف دستور مملكة البحرين. فمن الناحية الدستورية، إن مملكة البحرين، تتمتع بإطار الدولة العصرية التي تتشكل من سلطات ثلاث، سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية، ومؤسسات مجتمع مدني/ أهلي واعٍ ومتقدم وتتعاون جميعها فيما بينها في إدارة شئون الدولة.

كما أن لدينا ميثاق ودستور وقوانين ومعاهدات دولية صدّقت عليها البحرين وأصبحت جزءا لا يتجزأ من التشريعات المحلية وهذه كلها تساهم في ضبط إيقاع الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وضبط جوانب الحقوق والحريات المكفولة والمعارف عليها في البحرين والعالم.

وقد طالعنا وزير العدل والشئون الإسلامية بقرارات وزارية لا ترقى إلى مستوى الحقوق الدستورية المكفولة للمواطنين، فهذه القرارات لم تأت لتنظيم عمل الوزارة وما يتعلق بها وبأداء المنتسبين لها، وإنما تعدت ذلك إلى ما يتعلق بحقوق المواطنين في حياتهم الدينية وحراياتهم الأساسية.

وقد أثارت تلك القرارات حفيظة شريحة كبرى من المواطنين الذين اعتادو منذ مئات السنين على نمط ممارسة الشعائر والعبادات وخصوصياتهم المذهبية من دون أي تدخل من أحد.

جاء القراران الوزاريان رقم (41) لسنة 2008 بشأن إجراءات إنشاء دور العبادة وملحقاتها، ورقم (2) لسنة 2009 بشأن إصدار ضوابط وآداب الخطاب الديني، بشكل لم تكن هناك مبررات تفرضها طبيعة المرحلة التي تمر بها الدولة والتي تتجلى فيها إناطة دور التشريع إلى المجلس النيابي المعني بمناقشة وإعداد القوانين المتعلقة بالشأن العام. كما لم يستند أي من القرارين على مادة دستورية. ففي حالة القرار الأول استند إلى قوانين كالآتي:

«بعد الاطلاع على قانون تنظيم المباني الصادر بالمرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1977 المعدل بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1993، وعلى المرسوم رقم (6) لسنة 1985 بشأن تنظيم مجلسي الأوقاف السنية والجعفرية وإدارتيهما وتعديلاته، وعلى المرسوم رقم (7) لسنة 2007 بتنظيم وزارة الشئون الإسلامية، وعلى المرسوم رقم (91) لسنة 2006 بتشكيل الوزارة، وعلى القرار رقم (11) لسنة 1991 بشأن اللائحة الداخلية لمجلسي الأوقاف السنية والجعفرية...».

غير أن ما ذكره الوزير مخالف للمادة رقم (22) من دستور البحرين التي تكفل حرية العبادة وممارسة الشعائر «طبقا للعادات المرعية في البلد»، وليس طبقا لقرارات وزارية... ونص المادة (22) يقول: حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد.

وإذا كان من خلل في الواقع، أو برز معطى جديد، أو كان هناك ما يحتاج إلى معالجة قانونية، فإن المنهج الصحيح والأولى بأن يتبع، يتمثل في العودة إلى الدستور وعدم تجاوزه وعدم مصادرة الحقوق الدينية التي كانت ومازالت حقا لشعب البحرين.

إننا نتساءل عن خلفية هذه القرارات، وهل هي قرارات سياسية أم قرارات تنظيمية؟ والأخيرة لا تحتاج إلى هذه السرعة والقفز على أدوات إعمال التشريع وتجاوزه، وخصوصا أن الدولة اليوم بحاجة غلى تنظيم قضايا تقض مضجع الغالبية العظمى من الناس، ولا يوجد من ينبري لاتخاذ قرار حاسم ينظمها، وإنما تتحول إلى بيروقراطية العمل التشريعي وتأخذ اعواما وأعواما من أجل إقرار العمل بها واعتمادها.

إننا نخشى أن تكون وراء هذه القرارات دوافع وغايات سياسية، الأمر الذي يساهم كثيرا في تأزيم الواقع الاجتماعي وإثارة قضايا خطيرة لم يعتد عليها شعب البحرين منذ زمن بعيد، واعتاد على العيش في سلم أهلي يستند إلى احترام خصوصيات الانتماء الديني والمذهبي لجميع عناصره الاجتماعية.

ثم إذا كانت القرارات التي أصدرت هي قرارات تنظيمية بحتة كما تؤكد الوزارة «تؤكد مجددا على أن القرار المذكور هو قرار تنظيمي محض يهدف إلى التنظيم عبر توفير الآلية الملائمة لرعاية وإنشاء دور العبادة وتوفير الدعم اللازم لها» أذن كيف كان حال دور العبادة وممارسات الخطباء على مدى عقود مضت من الزمن؟ وقبل صدور القرارات بصورة عامة، هل كانت فوضى؟

فالبلد ليست في ظروف استثنائية تدعو للجوء إلى استصدار لوائح وقرارات وكأن الدولة تتعرض لخطر لا يلبي القانون القائم أدنى مستويات الأمن الاجتماعي، حتى تنبري السلطة التنفيذية للتجاوز على اختصاصات السلطة التشريعية من جهة وتجاوز المواد الدستورية الضامنة للحق الأصيل للمواطن البحريني

إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"

العدد 2382 - السبت 14 مارس 2009م الموافق 17 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً