يبدو أن وزارتي المالية والنفط مصممتان على عدم مشاركة شعب البحرين الحقائق المتعلقة بإنتاج حقل أبوسعفة، بل باتت المسألة ملحة بعد ظهور تقرير في نشرة «ميس» النفطية المتخصصة يزعم أن حصول البحرين على إنتاج أكبر في بعض الفترات ممكن بشرط احتساب ذلك من حصتها في الحقل وتعويض السعودية. تناقش السطور الآتية الجوانب المختلفة بحقل أبوسعفة وذلك في ضوء المستجدات.
تكمن أهمية الحديث عن حقل أبوسعفة في أنه يلعب دورا محوريا في الاقتصاد الوطني استنادا إلى الأدلة الآتية: أولا تفترض موازنة العام الجاري أن مبيعات حقل أبوسعفة ستساهم بأكثر من 94 في المئة من الإيرادات النفطية (من دون احتساب الغاز الطبيعي). بدورها تشكل الإيرادات النفطية 52 في المئة من مجموع دخل الموازنة. هذا طبعاً بطبع حسب الموازنة التي افترضت سعراً منخفضاً قدره 18 دولاراً للبرميل، لكن يعتقد أن المتوسط سيفوق الأربعين دولارا، ما يعني زيادة حجم إيرادات حقل أبوسعفة في خزانة المملكة. ثانيا بحسب إحصاءات منسوبة لوزارة النفط شكل إنتاج حقل أبوسعفة 80 في المئة من مجمل الإنتاج النفطي في العام الماضي والباقي لإنتاج الحقل المحلي في عوالي. ثالثا تستخدم الحكومة بدورها الإيرادات النفطية لتحديد مصروفاتها. وقدرت مصروفات العام الجاري بنحو مليار و200 مليون دينار ويشكل هذا الرقم تقريبا 38 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين، الأمر الذي يعكس أهمية مبيعات حقل أبوسعفة.
تتناصف كل من السعودية والبحرين ملكية حقل أبو سعفة بحسب اتفاق يعود تاريخه للعام 1958 أثناء الانتداب البريطاني، لكن بدأت البحرين بالحصول على كامل إنتاج الحقل منذ أبريل/نيسان 1996 بحسب اتفاق مع السعودية وذلك نظرا إلى حاجة البحرين إلى الإيرادات المالية أثناء الأزمة السياسة التي مرت بها البلاد. واستنادا لنشرة «ميس» فقد بلغ معدل إنتاج حقل أبوسعفة 150,085 برميلا يوميا في العام 2003.
بيد أنه لا تكتمل الصورة من دون مناقشة المستجدات. وبحسب نشرة «ميس» فإن الإنتاج الحالي للحقل يتراوح بين 280 و290 ألف برميل، لكن من المتوقع أن يرتفع إلى 300 ألف برميل مع نهاية العام الجاري. وكانت تقارير صحافية ذكرت أن السعودية ستأخذ نصف إنتاج الحقل خلافا لما أشيع سابقا من أن البحرين ستستحوذ على كامل الإنتاج بعد التوسعة. وكان تقرير مؤسسة «ستاندرد أند بوز» والذي صدر في نهاية العام 2003 أشار إلى أن البحرين ستحصل على كامل إنتاج حقل أبوسعفة بعد التوسعة إلى 300 ألف برميل وعلى هذا تم منح البحرين ملاءة مالية متقدمة. وأصبح جليا الآن أن الأمر ليس كذلك، إذ استحوذت السعودية على نصف الإنتاج وهذا من حقها. والأهم أن نشرة «ميس» المتخصصة ذكرت أنه من الناحية القانونية فإن حصول البحرين على إنتاج أعلى من حصتها المفترضة في حقل أبوسعفة في فترة زمنية يعد نوعاً من الدفع المقدم أو التسهيلات على حساب حصتها من الحقل.
بناء على النقاش أعلاه المطلوب من وزارة المالية والاقتصاد الوطني أن تلتزم بالشفافية الكاملة وتعلن للجمهور حقيقة توزيع إنتاج أبوسعفة بين البحرين والسعودية بعد التوسعة. أيضا عليها أن ترد على ما جاء في تقرير «ميس» بخصوص حصول البحرين على دفعات متقدمة لقاء نصيبها في الحقل. أخيرا على الوزارة أن تكشف كم ساهمت البحرين في عملية توسعة حقل أبوسعفة ووضع حد للغموض؟
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ