العدد 791 - الخميس 04 نوفمبر 2004م الموافق 21 رمضان 1425هـ

العيدية ومفارقات بين الغني والفقير!

ماذا يعني المال للفقراء وماذا يعني للأغنياء؟! ربما تختلف الإجابة على هذا السؤال من شخص لآخر ومن عائلة لأخرى، لكن هناك اتفاق بأن المال لا غنى عنه وهو يعني الشيء الكثير بالنسبة إلى الغني والفقير. وكما قال الشاعر الحكيم عن المال: هو اللسان لمن أراد فصاحة... وهو السلاح لمن أراد قتالا. تحدث معي أحد الأصدقاء العاطلين عن العمل وهو يحكي لي قصة المال وأثره على الفقير قائلا: استيقظنا على الصحف التي كانت لها ابتسامة عريضة، وعلى عيدية المواطن وهذا النصر الذي حققته الغالبية بمجلس النواب بالاتفاق بعد الإخفاقات والاقتراحات المشتتة!

وما هي إلا (سويعات) من بعد بزوغ فجر جديد حتى رن جرس الهاتف معلنا عن هذا النصر وكان المتحدث هو (أبي) الذي راح يسرد (لأمي) قصة العيدية وكأنه يحمل حقيبة (وزارية) سوداء بها 100 ألف عيدية وعيدية... قائلا إنه قرر أن يشتري لها «غسالة جديدة وثيابا جديدة لكل أفراد العائلة وتلفاز ملون كبير وسيفترش الأرض ورداً بسجاد أحمر بدلا من السجاد القديم الذي أكل الدهر عليه وشرب»!

وفرحت أمي وزادت على هذه المطالب مطالب ومطالب... وقررت فورا أن تشتري سيارة لأخي الأصغر مني والذي عادة ما يتأخر على محاضراته بالمعهد والتي تبدأ الساعة العاشرة ودراجة جديدة لأخي الصغير والمتفوق في المدرسة والذي قارب على إنهاء المرحلة الابتدائية ولم يمتع رجليه بركوب دراجة قديمة! وراحت تلك المسكينة تعدد أشياء وأشياء ومطلبا تلو آخر... وما ان انتهت أمي من هذه المكالمة السعيدة مع أبي الفقير حتى قالت لي: لقد اتفقت مع أبيك بشأن هذه العيدية وكل الأغراض التي سنشتريها وسندخر بعض النقود البيض للأيام السود! وهل بقت نقود بعد هذه الطلبات يا أمي؟! لم تجبني! وقد مدحت أمي النواب الأفاضل وتمنت لهم طول العمر كما تمنت أن تكون هذه العيدية كل سنة لا تنقطع أبدا!

وقد حدثني صديقي العاطل عن العمل بأنه لم يشأ أن يفسد فرحة أمه بهذه العيدية المجهولة والتي أصبحت حديث الناس ليل نهار والتي تنتظر قرارا جريئا وسياسيا من القيادة العليا في البلاد بعد أن نجح النواب في إلقاء الكرة بملعب الحكومة! لكنه بادرها بسؤال عن مصيره هو العاطل عن العمل وان النواب الأفاضل لم يستطيعوا فعل شيء لقضيتهم فهل ادخرت لي شيئا من هذه العيدية يا أمي؟!

أجابت ولدها بأنهم سيعيدون حسبة العيدية بعد رجوع الأب من العمل وسيكون له نصيب من هذه العيدية بلا شك؟! قلت لصديقي العاطل عن العمل... حقا انها مأساة الفقراء وعيدية الـ 500 دينار التي كتبت على الورق أنستنا قضايانا المصيرية نحن الفقراء والمطالبة بعدالة القانون. ولا تتعجب يا صديقي فليست عائلتكم هي الوحيدة التي تعاني من الفقر ولن تصدق يا صديقي فإن أحد زملاء العمل أخبرني بأن والدته أصدرت قرارا بشأن هذه العيدية وهو زيارة العتبات المقدسة بسورية وإيران وبعدها حج بيت الله الحرام ووالده ايضا أصدر قرارا بترميم البيت العتيق! سلام الله عليك يا أبا الحسن والحسين فلقد قلتها وصدقت: لو كان الفقر رجلا لقتلته... من وجهة نظري هذا هو المال بالنسبة إلى الفقراء طلبات وكماليات وتمنيات وأحلام لا تنتهي ولكني لا أعرف ماذا يعني المال بالنسبة إلى الأغنياء وكيف يتصرف أصحاب الحقائب السوداء بعيدية الآلاف التي تمتلئ بها البطون من دون حسيب أو رقيب؟!

سامي العنيسي

العدد 791 - الخميس 04 نوفمبر 2004م الموافق 21 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً