لم نعش بعد حقيقة الاحتفاء بالكلمة التي ألقاها جلالة الملك في افتتاح دور الانعقاد الثالث للمجلسين، والتي دعا فيها إلى التخلص من القوانين المعيقة للتطور والتنمية، حتى باغتتنا السلطة التنفيذية بتواطؤ غالبية نيابية بقانون «التجمعات العامة»، وهو قانون أسوأ من قانون أمن الدولة بكل المقاييس، لأنه لا يبقي من حرية الاجتماع إلاّ «المسمى»، ويعطي الدولة أن تكيف نظرتها إلى هذه الاجتماعات بنظرة مزاجية مهيئة لها صلاحيات المحافظين، ويكفي القانون سوءًا وضعه ضمن خانة الاجتماعات العامة واللقاءات في الديوانيات والبيوت إذا لم تكن بدعوات! ماذا بقي لنا من حريات؟ وأين هي دعوات جلالة الملك إلى التخلص من ترسانة القوانين العتيقة، وإذا بنا نفاجأ بقوانين عتيقة - جديدة؟ مرة أخرى يجب تسليط الضوء على التواطؤ المجتمعي غير المقصود والمقصود في أحيان أخرى في إصدار هذه القوانين، فالحركة السياسية في البحرين لم تتعلم بعد كيف تختلف في آلياتها السلمية مع الآخرين، وكيف تدافع عن الحق المشروع بما هو حق، فإذا ما خضع الحق للحب والبغض والاختلاف في المواقف، ضاع الحق فعلاً، وسُمِحَ لمن يريد الانقضاض عليه اختيار الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك. في قضية الخواجة تحديداً، اختلف الكثيرون مع موقفه، ولكن هل يسمح هؤلاء لأنفسهم إسقاط حقه المشروع في الدفاع عن نفسه؟ وهل يمكن لهم منع مسيرات التضامن معه لأنها تختلف مع أساليبهم في العمل السياسي؟ وهل يمكن وصف هذه المسيرات بأنها غير سلمية أو أنها ليست من أساليب العمل السلمي المشروع؟ بمنظار الحب والكراهية قد يتجرأ البعض على هذه الأوصاف، ولكن بمنظار الدفاع عن الحق مهما كان الاختلاف معه، فالمعيار الإنساني والأخلاقي والحقوقي والقانوني لا يخضع لهذه الأمزجة، ولا يمكن السماح بدعوى الاختلاف بإسقاط حق الناس في الدفاع عن أنفسهم، لأننا سنخسر جميعاً حرياتنا بعد فترة وجيزة
العدد 791 - الخميس 04 نوفمبر 2004م الموافق 21 رمضان 1425هـ