إن جملة من الأساليب القديمة في توزيع الشائعات والأقاويل قد انتهت، لولا أنه مازالت هناك فئة محصورة في الشياب والعجايز التي مازالت تتجمع هنا وهناك تستخدمها... وهي الأحاديث والنشر المباشر للمقولات عبر المجالس والمقاهي.
ولكن كل شيء يتطور في هذا الزمن، فالتكنولوجيا كفيلة بالقيام بالكثير من هذه الواجبات والمهمات الصعبة نسبيا على الناشر للشائعة والتي تتطلب سرعة في النقل تزيد حتى على كون المسافات بين الدول لتصل إلى القارات، أبسط هذه التكنولوجيا المستخدمة هي المسجات عبر الهواتف والتي صارت صوتا وصورة الآن ولا مجال لتكذيبها أحيانا وخصوصا عندما يتدخل فن الجرافيك، وغير تلك التي تصلك عبر البريد الالكتروني عبر مرسل عنون اسمه بفاعل خير أو المجنون وآخر أضحكني (النك نيم) الخاص به... فهو اكتفى بـ «المرقدوش»!
هل تعلمون أنه في السابق كان هناك ناس مهمتهم في المجتمع هي نشر تلك الشائعات التي يتسلمون الرشى والإكراميات بسببها؟ بل هناك الخبراء الذين ينصحونك بكيفية اختيار الزمان والمكان (البيرفكت) للوصول إلى الهدف عبر الشائعة، لولا أن الناس صارت مثقفة أكثر من السابق وصارت لديها ثقافة التحري عند سماع الأخبار... وأقصد هنا الشائعة.
بل والأدهى من ذلك أن للشائعة حسنات أيضا، على رغم قساوتها ليهرب وينفر منها الناس... ليلحق نفر محسوب على المجتمع بل ويستميت في ملاحقة أسلوب الشائعات والاستفادة منها أكبر استفادة، وخذ لك المطربين مثالا... إذا خف أو أفل نجمهم يقومون بحَبْك قصة بوليسية بمحاولة اغتيال تارة، ومحاولات فاشلة للاغتصاب تارة أخرى، وخصوصا إذا كانت (فنانة)، وحتى المتسلقون إلى السياسة لم ينسوا هذا الأسلوب المتطور والمجدي أحيانا، والذي يوصلهم إلى علية القوم بأسرع طريقة ممكنة بحسب نظرهم، فهم يلجأون إلى حبك القصص الخيالية كون قوة ولائهم لشخص بعينه ينتظرون من ورائه (العطية) تتسبب عليهم بتهديد أناس إما بالقتل وكأننا في مجتمع يوجد فيه أتباع الزرقاوي، أو بتلقي رسائل واتصالات تهدده بحرق منزله أو تجارته وكأننا في الفلوجة مثلا!! وآخر عندما رشح نفسه للمجلس النيابي (وبحسب قوله) صار يتلقى الاتصالات الكثيرة التي تحاول أن تثنيه عن المشاركة في المجلس ليسحب ترشيحه، وبطبيعة الحال وعلى قولة إخواننا الكويتيين «ماخذ في نفسه مقلب وامصدق روحه»؟!
وآخر شائعة من النوع الغبي سمعتها وهي منتشرة الآن في المحرق ولا أعلم هل وصلت إلى المناطق المحيطة وإلى باقي بقاع البحرين أم اكتفى مريدوها الأبطال بنشرها فقط في ضواحي المحرق؟ ولكن الطريف في الموضوع هو عندما تستخدم الشائعة وتريد أن تصيرها لصالحك وتريدها بطولة، لتتفاجأ بأن السحر انقلب على الساحر وانقلبت الطاولة عاليها سافلها ليصبح صاحبنا، صاحب البطولات الوهمية، محل تندر المحيطين في المجتمع والمتلقين لهذه الشائعة الطريفة الموصوفة بالغباء واستغفال عقول الناس جرا ومحاولة لتصديقها والتي تدل على أن درجة مروجها عالية السطحية وفقيرة يجب علينا أن نشفق عليه أكثر من أن نضحك عليه فهو قد ضحك على نفسه قبل أن نضحك عليه
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ