لم يكن مصادفة أن يحزن عالمنا العربي والإسلامي لرحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ذلك لأنه أعطى صورة جميلة للحاكم الحكيم الذي قدّم لأكثر من شعب عربي - فضلاً عن شعبه - خدمات إنسانية جليلة، لذلك يعتبر الشيخ زايد من الحكام القلائل في عالمنا العربي الذين يحظون بهذه الوفرة من الاحترام والتقدير.
فإذا جئنا له على مستوى شعبه سنجد أنه أحبه حباً كبيراً، لأنه صانع وحدتهم، إذ استطاع في فترة زمنية ان ينقلهم الى حيث الحداثة والدولة المدنية والرخاء. دفع باتجاه العلم فأرسل الآلاف من شعبه للدراسة والحصول على العلوم الإنسانية والتكنولوجية من أفضل الجامعات في الخارج، وها هي الإمارات تحصد هذا الموقف في كوادرها العلمية التي تعمل الآن على النهوض العمراني والاقتصادي والعلمي عبر مشروعات اقتصادية ضخمة سواء في إمارتي دبي وأبوظبي أو غيرهما.
البعد الآخر الذي ركز عليه الشيخ زايد هو دعم البُنى التحتية للمجتمع الإماراتي، والعمل على تأهيل المواطن من حيث الحياة الكريمة ورفع مستوى دخله. وفي ذلك أعطى أفضل وأجمل الصور للحاكم الذي سعى وعمل على ترفيه شعبه، وإيصاله الى مواقع متقدمة من حيث الحياة الاقتصادية الكريمة، حتى أصبح الشيخ زايد والإمارات مضرب مثل لدى المواطن العربي من حيث كرامة المعيشة.
أما بالنسبة الى البُعد السياسي فالإمارات وبفضل حكمة الشيخ زايد تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تحظى باستقرار سياسي طيلة السنين الطويلة التي مرت، وذلك بلا شك يعكس صورة حقيقية للاداء الحكومي، وأيضاً يعكس ما لتوفير المعيشة الاقتصادية الآمنة للمواطن من دور إيجابي على الاستقرار السياسي. فسجل الإمارات - طيلة حكم رئيسها - كان جميلا من حيث حقوق الإنسان.
إما اذا جئنا على مستوى السياسة الخارجية، فالإمارات حظيت بعلاقات واسعة وطيبة مع كل الدول العربية، فضلاً عن جيرانها الخليجيين. فقد وقف الشيخ زايد موقفاً حكيماً في أكثر من محطة تاريخية، منها عندما تعرضت الكويت للغزو من قبل العراق، فقد وقف الشيخ زايد موقفاً شجاعاً وداعماً، كذلك الأمر عندما نصح العراق قبل الحرب الأخيرة مع الولايات المتحدة وتحديداً رئيسها صدام بالتخلي عن الحكم تجنيباً للمنطقة وللعراق من حرب مدمرة، فجاءت النتيجة كما توقعها، ومثلما نشهده اليوم من تداعيات خطيرة مع كل العالم العربي والإسلامي.
تبقى هناك مواقف انسانية كانت للشيخ زايد على مستوى عالمنا الإسلامي والعربي، اذ قام بمساعدات كبرى لأكثر من دولة من مشروعات اسكانية وخدمات أخرى. لذلك تم تتويج هذه المواقف في العام 1985 بتسليم الشيخ زايد الوثيقة الذهبية من المنظمة الدولية للأجانب ومقرها جنيف، تقديراً منها لجهوده في المجالات الإنسانية المختلفة ورعاية الجاليات الأجنبية العاملة في الدولة. وهنا نذكر بعض إسهاماته:
1- إنشاء مؤسسة زايد للأعمال الخيرية، وهي تقدم مشروعات انسانية وخيرية في عدد من الدول العربية والإسلامية. بلغ حجم انفاق المؤسسة على مختلف المشروعات في قارة آسيا حوالي 15 مليون دولار أميركي، وحجم النفقات في الدول الأخرى من أوروبا وأميركا واستراليا ونيوزيلندا حوالي 18 مليون دولار.
2- قام بتنفيذ مشروع تنموي واجتماعي في البوسنة، اضافة الى مشروعات أخرى من مدارس ومستشفيات في دول العالم.
واليوم يقف العالم العربي والإسلامي ليعزي دولة الإمارات وشعب الإمارات بهذا المصاب، فقد كان الشيخ زايد حقاً مثالاً للأب الذي أحب شعبه فأحبه... وهنا بدورنا نواسي الإمارات حكومةً وشعباً بهذا المصاب، ونقدم لهم تعازينا ومواساتنا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ