العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ

وصلت الرسالة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

وصلت الرسالة. فالناخب الأميركي بعد معركة طويلة شهدت الكثير من الأخذ والرد قطع الشك باليقين وأعطى ثقته للمرشح الجمهوري الرئيس جورج بوش.

الرسالة واضحة. فالناخب مال بغالبية نسبية إلى تأييد الخطاب الأيديولوجي على حساب السياسة البراغماتية التي وعده بها المرشح الديمقراطي جون كيري. وبهذا الانحياز الذي شابته اعتراضات قانونية وغيرها من أخطاء وثغرات يكون الناخب الأميركي جدد للرئيس الحالي أربع سنوات بعد فرضيات وتأويلات بشأن احتمال انقلاب الوضع الداخلي ضد استراتيجية حربية خططت لها مجموعة شريرة استولت على مبنى البنتاغون. التصويت الأخير قلب المعادلة وأعطى شرعية لسياسة قيل إنها لا تمثل روح المجتمع الأميركي ولا ثقافته وانفتاحه على الآخر. فالتصويت الأخير أوصل الحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض والكونغرس في مجلسيه النواب والشيوخ وبغالبية انتخابية فاقت تلك المتأرجحة في دورة العام 2000.

الرئيس بوش بات الآن في وضع أقوى ويمكن القول إنه يعتبر التصويت الأخير بمثابة دعم قوي للسياسة التي اتبعها في السنوات الأربع الماضية وخطوة تعزز ثقته المفقودة بنفسه. وكذلك يمكن اعتبار ما حصل يوم الثلثاء الموافق 2 نوفمبر/ تشرين الثاني بمثابة تفويض للرئيس للقيام بما يراه مناسباً للمصالح الأميركية.

بوش الآن تجاوز عقدة فلوريدا واتهام حزبه بتزوير الانتخابات الماضية والاعتماد على المؤسسات كمرشح مفضل للإدارة الأميركية. وبوش الآن نجح بحدود نسبية في تحاشي تكرار تجربة فلوريدا حين أشارت الاستطلاعات إلى تقارب دقيق في شعبية الحزبين وخصوصاً في الولايات المتأرجحة بين الديمقراطي والجمهوري. فالمعركة التي أشارت إلى احتمال فوز كيري انكشفت على وقائع جديدة أخطرها أن مجموع الأصوات التي حصل عليها بوش في الدورة الحالية تزيد على تلك التي حصل عليها في الدورة الماضية. والأهم أن شعبية الجمهوري فاقت للمرة الأولى شعبية الديمقراطي إضافة إلى قدرته التنظيمية على التحشيد والتعبئة وضبط الولاءات لبرنامج الحزب.

ماذا يريد أن يقول الناخب الأميركي في رسالته إلى العالم؟ هناك كثير من القراءات ولكنها تقع تحت عناوين عامة هي أقرب إلى الفرضيات منها إلى الوقائع. وأبرز تلك النقاط هي: أولاً، الناخب الأميركي يؤيد في غالبيته النسبية استراتيجية الرئيس الهجومية ويثق بنتائجها السياسية على رغم سلبياتها الاقتصادية.

ثانياً، الشعب الأميركي يميل نحو الخطاب الايديولوجي (الأصولي - الانجيلي) أكثر من ميله نحو السياسة البرغماتية التي دأب الحزب الديمقراطي على تكرارها.

ثالثاً، الناخب الأميركي يغلِّب مخاوفه من الخارج (الغريب) على كل مشكلات الداخل المتعلقة بحقوقه المدنية والضمانات الاجتماعية المتصلة بالرعاية الصحية والشيخوخة.

رابعاً، الناخب الأميركي يميل إلى تحدي أمنيات شعوب العالم ورغباتهم. فمعظم الدول كانت تفضل كيري حتى يخفف عن كاهلها بعض الأثقال والأعباء التي فرضتها استراتيجية بوش وجاء الرد من الناخب أنه قبل التحدي واقترع للرئيس المزعج في سياساته الدولية.

خامساً، الناخب الأميركي اختار الايديولوجيا التي تدعو إلى التعصب والكراهية وزراعة الفوضى وزيادة الفتن والعداءات وتوريط الشعوب في معارك وهمية ضد الإرهاب وأدار ظهره للأفكار المتسامحة التي تدعو إلى التفاهم والتفاوض والاحترام المتبادل.

كل هذه الفرضيات وغيرها يمكن وضعها في لائحة طويلة من النقاط تضمنتها رسالة الشعب الأميركي إلى العالم. هذا لا يعني بالضرورة أن هذا ما أراد الناخب قوله إلا أن نتيجة التصويت يمكن أن تعطي ذريعة للرئيس لأن يفهم الرسالة على هذا المعنى.

المسألة إذاً في النهاية في البيت الأبيض وما يتسلسل عنه من حلقات ودوائر ومؤسسات بدأت تخطط للمرحلة المقبلة بعد أن نجحت في انتزاع شرعية لسياستها الماضية التي لاقت الرفض من معظم العالم. فالقرار الآن بات في يد بوش بعد أن أعطى الناخب الأميركي رأيه. فالرئيس الآن يستطيع أن يستفيد من التأييد وتجديد البيعة لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم وتحسين سمعتها الدولية. وهو أيضاً يستطيع أن يتخذ من التصويت الانتخابي ذريعة للاستقواء بالمجموعة الشريرة واستكمال ما تبقى من مشروعه الايديولوجي الخطير.

رسالة الناخب الأميركي واضحة وقد وصلت إلى البيت الأبيض وبقي على الرئيس أن يقرر الصيغة التي يريد أن تكتب بها.

صوت الناخب وصل وبقي أن نسمع صوت بوش

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً