تكتمل حلقة أخرى من الحلقات الدرامية التي مررنا بها منذ 24 سبتمبر/ ايلول الماضي عندما انعقدت ندوة الفقر في نادي العروبة، ويخيل للمرء وأن تلك الندوة خطط لها لكي تتمكن الحكومة من تقديم مشروع قانون «مستعجل جداً» لاستصداره من المؤسسة التشريعية التي لم تُصدر شيئاً خلال سنتين، ولكنها ستُصدر قانوناً باسم الشعب لمنع التجمعات والمسيرات.
قانون منع التجمعات والمسيرات خطير في نصوصه، اذ ينص مثلا على أنه لا يحق لاي شخص ان يقيم اية فعالية عامة (لاحظ انها أية فعالية) إلا برخصة كتابية من وزارة الداخلية (من خلال المحافظين). كما يعطي القانون للمحافظ السلطة لتحديد مكان الاجتماع، وان يرخص ما سيلقى فيه أو سيعرض من خلاله على الجمهور (لن يكون هناك جمهور من الاساس)، كما يمكن للمحافظ ان يرفض إقامة النشاط، ومن لديه اعتراض فليذهب الى القضاء، والمحكمة ستنعقد خلال سنة او سنتين في احسن الاحوال لتعطي رأيها، وبعد ذلك اذا احتج المشتكي فيمكنه ان يذهب الى المحكمة الدستورية او محكمة التمييز، وينتظر سنة او سنتين اخريين حتى تجتمع تلك المحاكم وأولئك القضاة ليصدروا رأيهم، ومن ثم يمكن للمحافظ ان يقدم دعوى مضادة، وخلال عشر سنوات من ذلك الامر ربما - أقول ربما - تحسم مسألة انعقاد ندوة عن موضوع مات وانتهى قبل عشر سنوات... بمعنى آخر «أمن الدولة».
وفي حال خالف المجتمعون القانون، فإن لقوات الامن ان تفض الاجتماع قانونياً، وبالقوة اذا تطلب الامر، وأي معارض لذلك سيكون مخالفاً لحكم القانون، وعليه غرامة ألف دينار او سنتان سجناً، او الاثنان معاً.
الاخطر أيضاً، أن الجمعيات الاهلية - لانها ليست سياسية لحد الآن، ولن تكون سياسية بحسب التوجه الحالي - لايمكنها أن تدعو اية شخصية من الخارج، ويمنع على اي شخص لا يحمل الجنسية البحرينية التحدث في الاجتماع السياسي او حضور الاجتماع للاستماع او حتى «للطماشة». كما يمنع استخدام السيارات والعربات والدراجات النارية في المسيرات... كل ذلك سيصدر باسم السلطة التشريعية التي تمثل شعب البحرين.
حسناً أيها السادة، وضحت الصورة، ولا أدري إن كانت الحكومة هي التي أقامت ندوة الفقر في 24 سبتمبر، أم أن جهة معارضة فعلتها، لكي يعاد لنا قانون أمن الدولة بلباس جديد... في كلتا الحالتين ليس الجواب مهماً، ما هو مهم الآن: هل نسمح للبرلمان باصدار هذا القانون؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ