العدد 789 - الثلثاء 02 نوفمبر 2004م الموافق 19 رمضان 1425هـ

الكلفة المالية لانتخابات 2004 الأميركية (2 - 2)... أرقام 2004

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بناء على توقعات الكثير من مراكز الدراسات والبحوث الاميركية، من المتوقع ان تبلغ نفقات انتخابات الرئاسة والكونغرس الاميركية أرقاما قياسية هذا العام تتراوح بين 3,7 و4 بلايين دولار. ويمثل هذا الرقم نحو 30 في المئة زيادة على كلفة انتخابات الفيدرالية السابقة التي بلغت 3 بلايين دولار قبل أربع سنوات.

وتشغل الانتخابات الرئاسية وحدها مصروفات فلكية يتحملها الرئيس بوش والسناتور الديمقراطي كيري والأحزاب السياسية ومجموعات أخرى تنفق مئات وأحيانا آلاف الملايين من الدولارات على الحملات الإعلانية وتعبئة الأصوات من المتوقع أن تصل إلى ما يربو على 1,2 بليون دولار. وتعود الزيادة في نفقات هذه الدورة، وإلى حد بعيد، إلى الارتفاع الحاد في سقف مساهمات المصروفات المسموح بها في « الأموال العسرة» (hard money) التي يتم جمعها لتغطية جزء من حملات المترشحين ولجان الأحزاب. فانتخابات 2004 هي المرة الأولى التي تجري في ظل تطبيق القانون المالي لتنظيم الحملات الانتخابية تحت قانون إصلاح الحملات الانتخابية «Bipartisan Campaign Reform Act». فقد رفع هذا القانون الحدود القصوى لمساهمات الأفراد ورفع الحظر المفروض على السقف غير المحدود للأموال الميسرة «soft money» المسموح بها للأحزاب السياسية القومية.

وتتوقع مصادر مطلعة أن تصل مساهمات الأفراد - حتى نهاية دورة انتخابات 2004 - إلى ما يقارب من 2,5 بليون دولار وهي قفزة عالية مقارنة بمساهماتهم في انتخابات 2000 التي لم تتجاوز 1,5 بليون دورلار. كما تبلغ مساهمة ما يعرف باسم لجان العمل السياسي (BPAC) حوالي 384 مليون دولار لسنة الانتخابات وهذه زيادة قدرها 33 في المئة عن انتخابات التي جرت قبل أربع سنوات والتي بلغت حينها 288 مليون دولار.

ومنذ العام 1971 أنشأت الحكومة صندوقا يتم عبره عرض تمويل عام لمرشحي الرئاسة لتغطية نسبة من حملاتهم الانتخابية من أموال عامة يقدمها المواطنون عن طريق تبرعات تطوعية من ضرائب دخلهم. ويتعين على المرشح الذي يقبل الأموال العامة أن يوافق على حد أقصى للإنفاق، ويمنع بموجب ذلك القبول من جمع أو إنفاق أي أموال خاصة بعد أن يقبل ترشيح حزبه. واختار كل من الرئيس بوش والسناتور جون كيري العمل بهذا النظام، كما فعل كل مرشح للرئاسة لحزب رئيسي منذ أن أصبحت هذه الأموال متوافرة في العام 1976. وبالتالي فسيحدد إنفاق كل منهما بنحو 76 مليون دولار في الانتخابات العامة للعام 2004.

هذا يجعل ما سيدفعه المرشحون الفيدراليون من اموالهم الخاصة يصل إلى ما يقارب من 144 مليون دولار مقارنة مع 205 دفعت في انتخابات العام 2000.

إلا أنه تنبغي الإشارة هنا إلى أنه بوسع كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إنفاق 16 مليون دولار أخرى بالتنسيق مع مرشحيهما وإنفاق مبالغ غير محدودة على النشاطات غير المنسقة مع المترشحين. وبوسع جماعات المصالح غير الربحية أن تشترك في العملية أيضا بعرض إعلانات تتعلق بقضايا محددة تشير مباشرة إلى مواقف المترشحين الفرديين. لذلك وعلى رغم الحدود القصوى المفروضة على الإنفاق فإن من المتوقع أن يكون سباق الرئاسة للعام 2004 أكثر سباق من نوعه كلفة في التاريخ. ويقدر الخبراء أن المترشحين والأحزاب ومجموعات المصالح سينفقون هذا العام حوالي بليون دولار على الإعلانات الدعائية وحدها. أما لجان العمل الحزبي فقد كان بوسعها في هذه الدورة الانتخابية ان تجمع أكبر كمية من الأموال من حفنة مختارة من الناس مقارنة مع ما قامت به في دورة العام 2000. فتحت تحديدات القوانين الجديدة التي تبيح لكل لجنة أن تجمع ما لا يزيد عن 25,000 دولار في الدورة الواحدة بوسع كل فرد من أولئك الأفراد ان يساهم بما قيمته 50,000 دولاراً في الدورة الحالية. ووصل عدد الذين دفعوا هذا المبلغ إلى 530 شخصا. وهذا العدد يتجاوز بقليل نصف عدد الــ 1013 الذين ساهموا في دورة العام 2000، لكن مساهمة الفرد حينها، وحسب التحديدات المالية لتلك الدورة 40,000 دولاراً فقط. المرأة الاميركية والانتخابات ما يلفت النظر هو زيادة حجم المساهمة المالية للمرأة الاميركية والتي تعتبر الأعلى نسبة في أية دورة انتخابية منذ العام 1989. فقد وصلت نسبة مساهمة في هذه الانتخابات إلى نحو 29 في المئة مقارنة مع نحو 26 في المئة في انتخابات العام 2000 ونحو 24,5 في المئة في انتخابات 1996 وأحد الأسباب الكامنة وراء مثل هذه الزيادة في مساهمة المرأة المالية هو التغير الذي طرأ في إلغاء الحظر الذي كان مفروضا على الأموال الميسرة، فقد دأبت النساء على إعطاء حصة أقل من الأموال الميسرة مقارنة مع الأموال العسرة.

وأثار إرتفاع نسبة مساهمة المرأة بعض النقاشات في صفوف منظمات الحركات النسوية الاميركية التي ما تزال تشعر ان هناك نوعا من التمييز العنصري بينها وبين الرجل ليس بالضرورة في القوانين والأنظمة المكتوبة وإنما في ذهنية وسلوك المرشح والناخب الأميركي الذي على رغم كل شيء يصعب عليه حتى مجرد الحديث عن مرشح نسائي للرئاسة. إلى جانب هذه القضية الهامشية نسبيا، وهناك قضيتان أساسيتان في صلب النقاش الدائر بشأن تمويل الحملات الإنتخابية، الأولى هي القلق من وصول الأفراد والمنظمات الثرية عن طريق تبرعاتهم المالية الضخمة إلى كسب ود المرشحين، وهو شيء غير متوافر للمواطن العادي، وعن طريق ذلك يتم التأثير على السياسة، والقضية الثانية هي الاعتقاد بأن التبرعات الموجهة نحو أيديولوجية سياسية معينة تعتبر شكلا من أشكال التعبير عن حرية الرأي التي يضمنها الدستور الأميركي.

هذه الأرقام الفلكية التي تحاول أن تتمرد على القوانين المعقدة التي تحاول أن تحد من نفوذها، وتلك القوانين التي لا يكف من يضعها عن محاولة تقليص تأثيرات المال في تسيير دفة الإنتخابات وتوجيهها يتعايشان سوية تحت خيمة الإنتخابات ومحصلة صراعهما المزيد من الحضور لصوت المواطن الاميركي بغض النظر عن بعض التجاوزات التي نلمسها هنا وهناك خلال إجراء عمليات الانتخابات.

بعد كل ذلك الم يكن حريا بأجهزة الإعلام العربية أن تبحث وتدقق في مصادر تمويل الإنتخابات بدلا عن حصر تغطياتها في معالجة قضية أو قضيتين كانت حصيلة نتائج الإنتخابات من أي منهما إنعكاسا طبيعيا لكمية الأموال التي صرفت من اجل توجيه مسار الانتخابات الاميركية لصالحهما

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 789 - الثلثاء 02 نوفمبر 2004م الموافق 19 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً