احتفل يوم 8 مارس/ آذار -وهو اليوم العالمي للمرأة- بإنجازات المرأة والتحديات التي تواجهها في تحقيق المساواة.
إلا أن أحد التحديات الأكثر عمقا التي لاتزال تواجه المرأة يكمن في العنف المنزلي، كما تبيّن وبشكل مؤلم من جريمة قتل آسيا زبير مؤخرا من قبل زوجها مزامل في نيويورك.
ستقتل ثلاث نساء يوميا في الولايات المتحدة على أيدي أزواج عنفيين في العام 2009. وعلى رغم أن العنف الأسري يشكّل مشكلة تواجه النساء من كل الخلفيات، إلا أن هذا الحدث أبرز مشكلة العنف ضد المرأة في الجالية الأميركية المسلمة.
يواجه الضحايا في هذه الجالية أحيانا معوّقات دينية ولغوية تعيق التفهم المجتمعي. وتعمل المنظمات الأميركية المسلمة الساعية إلى إنهاء العنف الأسري، من دون كلل أو ملل لمحاربة هذه المعوقات وتغيير المواقف في جاليتنا. واقع الأمر هو أن العنف الأسري لن يذهب حتى نتعامل معه بشدة وبإلحاح وحكمة ووحدة في الهدف.
يعارض الإسلام العنف، وخاصة في منزل الأسرة، وهو موقع السكينة والحماية. لذلك ضمت جهود الرد السريع والشامل والفاعل بعد موت آسيا رسالة مفتوحة إلى الجالية الأميركية المسلمة من هاغ مجيد علي، وهو المدير التنفيذي للجمعية الإسلامية لمنطقة دالس ونائب رئيس الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، وجهودا مثابرة لمراقبة الإعلام لضمان وجود حوار بنّاء وحيادي، وبيانات صحافية جرت دراستها جيدا ومقالات ومدوّنات مختلفة.
ومن الأعمال المثيرة للإعجاب ما ورد من مواطنين مهتمين في حملة «نداء للعمل السريع ضد العنف الأسري». شارك الكثير من الأئمة البارزين من جميع أنحاء الولايات المتحدة، بمن فيهم الشيخ حمزة يوسف من معهد الزيتونة، من خلال تخصيص خطبة يوم الجمعة لموضوع العنف الأسري وكونه لا يتناسب مع تعاليم الإسلام.
وقد خرجت الجالية لمواجهة التحدي بعد جريمة آسيا. والآن، كيف يمكننا أن ندخر قوة الاندفاع هذه ونسيّرها بهدف إدامة التوجه إلى الأمام؟
تعترف الجالية الأميركية المسلمة بوجود العنف الأسري، ولكنها لم تطبّق بعدُ التفكير الناقد والعمل الفعّال لتحقيق تغيير دائم وواسع النطاق. نتائج الجهود الماضية، على سبيل المثال، مختلطة.
في منتصف ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، قامت الجالية الأميركية المسلمة بإنشاء شبكات خدمات اجتماعية ترتكز على المسجد. منذ تسعينيات القرن الماضي قامت مجموعة صغيرة العدد من العاملين الاجتماعيين الأميركيين المسلمين المتمرسين بتطوير منظمات معارِضة للعنف، بما فيها «مشروع الأسر المسالمة»، وهي المنظمة الإسلامية الوطنية الوحيدة المعارضة للعنف، و»نقطة التحول للنساء والأسر»، أول منظمة أميركية مسلمة معارضة للعنف في نيويورك برئاسة روبينا نياز، وهي عاملة اجتماعية مخضرمة، و»الملاذ الإسلامي لأميركا الشمالية للمعتدى عليهم»، في منطقة خليج سان فرانسيسكو.
تقدّم هذه المنظمات خدمات مباشرة للضحايا مثل خط المعونة الساخن والتدخل في حالات الأزمات والمعونة القانونية والملاجئ المؤقتة، إضافة إلى التواصل مع المجتمع والتدريب.
تقوم هذه المنظمات ببناء التحالفات والتواصل مع المساجد وتعمل مع المنظمات الإسلامية الوطنية، مثل «الدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية» و»الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية».
وتستضيف الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية اليوم حلقة بشأن العنف الأسري في مؤتمرها السنوي، وقد عمل «مشروع الأسر المسالمة» مع «معهد الثقة في الإيمان» على إنتاج فيلم على الـ DVD عن العنف الأسري.
كذلك يُقدم «مشروع الأسر المسالمة» برامج للشباب لتشجيع العمل المهني في مجال العمل الاجتماعي. وقد أطلقت منظمة «نقطة التحول» مؤخرا صندوق بعثات مع كلية هنتر في نيويورك لهذا الهدف. أكبر التحديات التي تواجه الجالية الأميركية المسلمة الحفاظ على قوة الاندفاع وإيجاد شبكات دعم مستدام للضحايا.
أوجد مقتل آسيا قوة الاندفاع هذه كالفيروس عبر شبكات الـ Facebook والبريد الإلكتروني والمدوّنات والتواصل المباشر مع أئمة بارزين وزعماء الجاليات والمواطنين المهتمين. كان التواصل هو الأساس.
يتوجب على الناشطين حتى يحافظوا على قوة الاندفاع أن يستمروا في استخدام الشبكات لدفع الحوار وإيجاد نقاط قياس وإنجاز، مثل موعظة سنوية منسّقة في مساجد صغيرة وكبيرة في أنحاء الولايات المتحدة بشأن العنف الأسري.
عندما يعود الأمر إلى التركيز على أساليب لدعم الضحايا ومنع الإساءة في المستقبل، هناك مجالان اثنان يجب التعامل معهما: المواقف والهياكل.
بالنسبة للمواقف، يتوجب على الجالية أن تضمن أن لا يجري الحكم على الضحايا أو إلقاء اللوم عليهم، وأن يجري توجيه المساءلة إلى القائمين بأعمال العنف.
نحتاج، بشعور من المسئولية، أن نستوعب الحاجة للعمل وأن نحشد القوى حول مصارعة العنف الأسري.
هيكليا، نحتاج إلى المزيد من المنظمات التي توفر مساحات آمنة ومعونة للضحايا، والمزيد من العاملين المدربين في مجال العمل مع حالات العنف المنزلي. يشكّل تشجيع الشباب المسلمين على متابعة مستقبل مهني في مجال العمل الاجتماعي، كما بدأت بعض المنظمات القيام به، أحد الحلول لهذه المشكلة.
يشكل انتشار العنف الأسري في جاليتنا لطخة سوداء ضدنا كمسلمين. علينا أن نعمل بضراوة لإزالة الصّمت عن العنف المنزلي وفتح الطريق أمام الحوار الحقيقي والعمل والمساءلة
العدد 2382 - السبت 14 مارس 2009م الموافق 17 ربيع الاول 1430هـ