قضية «الستة» انتقلت إلى مرحلتها الهادئة وغير التهويلية أمس مع الإفراج عن الاربعة الذين كانوا في الحجز، على رغم انهم كانوا يتوقعون البقاء في المعتقل بسبب ضغوط سياسية، والموضوع يحمل دروساً لنا جميعاً.
بادئ ذي بدء، فإن حكمة جلالة الملك مشهود لها خلال السنوات الثلاث الماضية، وقد أثبت أنه يسمو على ما يبدو للآخرين مشكلة كبيرة. فطبيعة الحياة تستلزم وجود مشكلات، وجمالها يكمن في القدرة على التعامل مع المشكلات من دون ظلم البشر.
كما اننا في «الوسط» نعتز بموقفنا تجاه قضية «الستة» كما نعتز بموقفنا تجاه كل القضايا الأخرى. فنحن مازلنا ندفع ضريبة وقوفنا مع حقوق الذين اتهموا وطالبنا بعدم نشر اسمائهم والتهويل والتحشيد ضدهم، كما طالبنا ونطالب بالحقوق ذاتها لكل البحرينيين ولكل من يعيش على ارض البحرين. فـ «الوسط» هي صحيفة لكل البحرينيين من دون تفريق، وهي صحيفة تقف مع مشروع جلالة الملك الإصلاحي، وهي مستقلة تتخذ من الضمير البحريني ومواثيق حقوق الانسان منهجا لها اثناء خدمتها لمجتمع البحرين.
اتصلت والدة أحد المتهمين أمس لتشكر «الوسط» وجوابي لها كان «لا شكر على واجب»، فنحن لم ولن نقوم الا بواجبنا. وقضية الستة بالنسبة الينا هي قضية الجمعيات السياسية التي يحاول البعض تحشيد الحكومة ضدها، مرة باتهام رؤسائها بتسلم كوبونات صدام، ومرة باتهامها بالتعامل مع السفارتين البريطانية والاميركية. دفاعنا عن «الستة» ينطلق من المنطلق نفسه الذي نتخذه للدفاع عن الاندونيسية ذات الخمسة عشر ربيعا التي انتهكت عرضها عائلة بحرينية، والتي يبدو ان الزوجة «صاحبة واسطات ونفوذ» إلى درجة أنها تهدد وتتوعد بعد كل الجرائم التي قامت بها مع زوجها.
دفاعنا عن «الستة» هو دفاعنا نفسه عن معتقلي العريضة وعن نادي العروبة وعن مركز حقوق الانسان. اننا نعتقد ان الحديقة البحرينية أجمل من خلال تلونها الطبيعي، هذا التلون والتنوع الذي يؤكد وحدتها ايضا في حب البحرين.
قبل يوم من محاكمة الستة الأخيرة، نشرنا تصريحات لاستاذ العلوم السياسية في جامعة ميلز الأميركية فرد لوسون وهو من الخبراء المطلعين على الوضع البحريني، وقد ألف كتاباً عن البحرين في ثمانينات القرن الماضي ويمثل وجهة نظر اميركية معتدلة. فقد أشار في تصريحاته الى الضغوط التي تتعرض لها حكومتنا بسبب الأجندة الاميركية لمحاربة الارهاب والتي قد تتسبب في تناقض في الموقف. فأميركا توقع مع البحرين اتفاق التجارة الحرة بسرعة فائقة لم تشهدها حركة توقيع الاتفاقات الاميركية من قبل، وتدعم مشروعات تنشيط الديمقراطية وتساند انشاء مركز اقليمي في المنامة للتدريب المهني والتدريب على ادارة الاعمال والمشروعات الخاصة في منطقة الخليج وترسل خبرات متفوقة إلى البحرين من أجل هذا المشروع، وتدعو إلى استقلال القضاء وفي الوقت ذاته تنزعج من الاجراءات بشأن «الستة».
كبحرينيين، علينا ان نكون أحرص من غيرنا على سلمية العمل السياسي، وان نساند حق الآخرين في التعبير عن رأيهم ماداموا لم يدعوا الى عنف ولم يمارسوا العنف. وهذا ينسحب على كل القضايا الاخرى التي نعيش أجواءها حاليا.
نأمل ان تعود الساحة السياسية الى نشاطها، بكل توجهاتها، المقاطعة او غير المقاطعة، وان يقبل بعضنا الآخر، شريطة ألا يلجأ اي طرف، أهلي أو رسمي، الى العنف او القوة. فاستخدام القوة نتركه للغابات والوحوش، ولمن ليست لهم حيلة لأنهم مخنوقون سياسيا. أما نحن فلدينا الفرصة ان نتنفس سياسيا، وعلينا ان نعرف النعمة ونحافظ عليها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ