العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ

ارتفاع أسعار الأدوية هم يومي يعيشه المواطن

مطلوب حسم لهذه القضية

ارتفاع أسعار الأدوية في البحرين، قضية مهمة تناولتها الصحف المحلية، فالدواء يعد من السلع الضرورية التي لا يمكن للمرء أن يستغني عنها، فعندما يرتفع سعر الدواء، في الوقت الذي لا تتوافر فيه بدائل أخرى، يصبح الحديث هنا يتناول بندا مهماً من بنود الحياة اليومية للمواطن، لماذا ترتفع أسعار الأدوية؟ سؤال يطرح نفسه على الساحة.

ووفقا لتصريحات بعض تجار الأدوية فإن قصة ارتفاع الأسعار بدأت منذ سنة 1976 أي قبل نحو 28 عاماً، وقال الرئيس التنفيذي لكل من صيدلية الخليج والمواساة وابن سينا ورئيس جمعية أصحاب الصيدليات ومستوردي الأدوية خالد برهان الدين العوضي: «حين قررت الحكومة وقت ذلك تحديد نسبة الفوائد على الأدوية كونها ضرورية لعموم الناس بدلا من أن يأخذ بمبدأ السوق الحرة أي أن تحدد الأسعار بالتنافس بين أصناف الأدوية المشابهة من شركات مختلفة وإن كنا نؤمن بمبدأ السوق الحرة في الحد من الأسعار، والذي يطبق في كل مجال، فإن القرار كانت له إيجابياته وسلبياته وكان تحديد سعر الدواء مبنيا على أساس تقاسم الربح بين الوكيل والموزع والصيدلية وبائع التجزئة بعد خصم الأتعاب».

وأضاف «من الناحية النظرية توزع النسبة المتبقية من الأرباح الأولية التي تبلغ 30 في المئة إلى 18 في المئة موزعاً، و12 في المئة بائع تجزئة... وإن أثبتت النواحي الفعلية والعملية أن المصروفات هي أكثر مما احتسبت، وخصوصا مع الفرض المفرط في تطبيق معايير معينة في أمور الصيدلة ما يستدعي مصروفات وأعباء مالية إضافية، فباتت الأرباح الأولية تتراوح بين 10 و12 في المئة للوكيل، وبين 5 و8 في المئة لبائع التجزئة، ومع دخول البطاقات الائتمانية السوق قلّت هذه الأرباح لكل بطاقة بحوالي 3 في المئة، أما الربح الصافي فيقل عن ذلك بنحو 3 - 4 في المئة، وأشار العوضي إلى أن الصيدليات في البحرين تنقسم إلى كبيرة ومتوسطة أي لها وكالات، وصغيرة وهي التي تبيع بالتجزئة، والصيدليات الكبيرة لها أربعة خطوط رئيسية في التجارة، أولها الأجهزة الطبية والمواد المختبرية والتحاليل وغيرها، ويليها بيع الأدوية بالجملة، وبيع المواد الكيماوية بالجملة، وأخيرا البيع المباشر وهو البيع بالتجزئة».

وقال: «إن جميع الصيدليات الناجحة من غير استثناء لم تنجح في اعتمادها على بيع الأدوية، إذ إنها ولسنوات طوال - منذ 40 إلى 50 عاما - كانت تتاجر في مجمل هذه الأشياء، كما تراكم بعد هذه السنين بعض من رأس المال فاستثمرت في هذا العقار أو ذلك وبالتالي نجحت في الخروج من عنق الزجاجة إلى السطح».

والأسعار تؤكد انخفاض أسعار الأدوية في المملكة العربية السعودية عنها في البحرين، هذا الانخفاض الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام، ونعود ونسأل لماذا ترتفع أسعار الأدوية في البحرين، في الوقت الذي يباع فيه الدواء نفسه بنصف السعر في المملكة العربية السعودية، وأين يكمن الخلل؟

ويؤكد العوضي أن معظم أسعار الأدوية التي تباع في الدول الخليجية الأخرى تتقارب أسعارها مع مثيلاتها في البحرين، وأن القوة الشرائية في المملكة العربية السعودية قوية جدا، وتعد أسواقها من أكبر الأسواق لشركات الأدوية، فعدد سكان السعودية ما يقارب 24 مليونا، ويصل أعداد الحجاج سنويا إلى مليونين وزوار العمرة إلى أكثر من أربعة ملايين، وهؤلاء جميعهم بحاجة إلى الدواء، ناهيك عن الكثير من المنافذ والعوامل الأخرى التي تجعل تداول الدواء بكميات كبيرة، بالإضافة إلى دعم الأسعار من قبل الحكومة منذ البدء وعدم وجود جمارك على الدواء وهذا الأمر أدى إلى دعم أسعار الدواء في السعودية، هذا بالإضافة أيضا إلى أن لشركات الأدوية وجهات نظر خاصة فهي تبيع للدول الافريقية بأسعار تختلف كثيرا عن بيعها للدول الخليجية.

وكانت الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية قد أستأنفت جهودها لكسر الجمود المحيط بمساعي توفير أدوية رخيصة للدول الفقيرة ولكن المسئولين لا يتوقعون حلا سريعا للنزاع الذي يعكر صفو محادثات تحرير التجارة العالمية. وقال أحد المسئولين التجاريين الذي طلب عدم نشر اسمه: «إنه اجتماع استكشافي ولا نتوقع أية قرارات».

وحضر ممثلون عن عدد كبير من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وعددها 144 دولة المحادثات الأولى منذ أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وتم عقد الاجتماع بناء على دعوة من سفير المكسيك ادواردو بيريس موتا الذي يرأس لجنة التفاوض الخاص.

ونسب الممثلون إلى السفير قوله انه يأمل بالتوصل إلى نص مسودة جديدة بشأن كيفية تفادي الدول الفقيرة - التي تواجه أزمات صحية طارئة - القواعد الدولية لحماية العلامات التجارية للأدوية.

وبلغت كلفة الأدوية المستهلكة في البحرين في العام الماضي حوالي 7 ملايين دينار بحريني شملت أنواع الأدوية المختلفة.

واحتفظت أدوية نظام الجهاز الدوري (أمراض القلب والشرايين) بمركزها الأول في الاستهلاك فيما جاءت أدوية أمراض السكر في المركز الثاني واحتلت أدوية أمراض السرطان المركز الثالث في الاستهلاك.

وقال مدير إدارة التجهيزات في مجمع السلمانية الطبي عادل علوي خلف إن جميع الأدوية التي يتم استيرادها إلى البحرين تخضع لكل الإجراءات المتبعة عالميا بحسب البروتوكولات العلمية. كما تخضع إلى كل تحاليل الفاعلية والفارموكولوجي ويتم الالتزام فيها بجميع المواصفات العالمية التي تؤكد كفاءة المواد.

وتتراوح نسبة الزيادة السنوية في استهلاك الأدوية في البحرين بين سبعة وعشرة في المئة سنويا. كما تبلغ موازنة وزارة الصحة التي تخصصها لإدارة التجهيزات 13 مليون دينار يصرف نصفها تقريبا على الأدوية.

وأشار خلف إلى أن استيراد الأدوية من قبل وزارة الصحة، يأتي على نحو رشيد وسليم، كما ان جميع شركات الأدوية تخضع لنظام التسجيل الدوائي الموجودة في إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية ويتم فيها تسجيل جميع شركات الأدوية المعتمدة ومستحضراتها. ولا يمكن دخول أي دواء إلى المملكة غير خاضع للرقابة من قبل هذه الإدارة. إذ تقوم بتسجيل جميع شركات الأدوية العالمية بحسب بروتوكولات منظمة الصحة العالمية.

وأشار أيضاً إلى أن استيراد الإدارة للأدوية يتم عبر مناقصتين، إحداهما عبر نظام الشراء الموحد للأدوية بالتعاون مع بقية دول الخليج والذي بدأته البحرين منذ العام 1973 أي منذ 30 عاما. والثانية هي مناقصة سنوية تتم بعد الاجتماع الدوري الذي يتم بحضور ممثلي المراكز الصحية ومديري الإدارات وتقرّر فيه خطة الأدوية المستوردة.

وأكد أيضاً أن الأدوية تخضع لجميع التجارب الإكلينيكية من خلال مختبر قياس كفاءة وفعالية الأدوية التابع للوزارة من أجل ضمان جودتها. وتستورد غالبية الأدوية من مصانع خليجية تخضع لتصنيف دولي وتطبق نظاماً عالمياً موافقاً عليه من هيئة الأدوية الأميركية. أما شكاوى بعض المرضى من هذه الأدوية والتي تركز على عدم جدوى هذه الأدوية أو فعاليتها مقارنة بالأدوية الأجنبية فلا أساس لها من الصحة. وخصوصاً ان أسباب هذه الشكاوى نفسية.

ومن خلال نظام الشراء الموحد لدول الخليج يتم اختيار مصانع أدوية أجنبية أو إقليمية لشراء الأدوية منها. ويذكر أن هناك مجموعة من مصانع الأدوية في دول الخليج في الإمارات والسعودية والكويت.

وفي معرض الحديث عن وعي المواطنين والمقيمين بالاستخدام الأمثل للأدوية يقول خلف «إنه وعي متفاوت، كما أن هناك نسبة لا بأس بها تعي مضاعفات الأدوية وتراجع الصيدلي باستمرار، في مقابل مرضى لا يقدّرون قيمة الدواء الذي يشكل كلفة كبيرة. وتقع مهمة زيادة وعي المرضى على الجمعيات المهنية كجمعيات الصيادلة والأطباء والذين يقومون بدور مهم في التوعية وتثقيف الناس».

ويأمل خلف أن يدخل نظام الحاسب الآلي في المستشفيات قريبا حتى تصبح الخدمة الصحية أسهل، ويأتي تطوير نظام تسجيل الأدوية عبر الحاسب الآلي بعد أن تسجل الوصفة الطبية في جهاز الكمبيوتر مباشرة بعد مراجعة الطبيب، الأمر الذي يربط الصيدلية بأنظمة المستشفى ويقلل نسبة الانتظار ويسهل استلام الدواء.

وأضاف خلف أن مجمع السلمانية الطبي يشمل أدوية متعددة قد تزيد في أنواعها على المراكز الصحية نظرا إلى تعدد التخصصات الطبية فيها، إلا أن جميع الأدوية الموجودة في المراكز الصحية من النوعية والجودة نفسيهما. وتهتم الإدارة باستيراد أمصال التطعيمات وتوفيرها للمراكز الصحية والمستشفيات الخاصة.

وارتفاع سعر الأدوية ليس القضية الوحيدة الخاصة بالأدوية، بل هناك قضية أخرى لا تقل عنها في الأهمية وهي شح بعض الأدوية في وزارة الصحة.

وكان أحد المصادر المسئولة في وزارة الصحة ذكر أن الوزارة تعاني من شح واضح في الأدوية. وقال المصدر: «إن بعض هذه الأدوية - نقصد بها الشحيحة في الوزارة - غالية الثمن فعلا، ولكن بعضها الآخر رخيص الثمن، وبعضها منقذ ضروري للحياة وغيابها عن وزارة الصحة يعني أن المواطن الضعيف سيتحمل عبئها، والدستور كفل لجميع المواطنين الحق في حصولهم على العلاج المجاني».

وأذيع في مؤتمر طبي عالمي أن هناك الكثير من الأدوية والمضادات الحيوية والعمليات الجراحية التي تجرى لا داعي لها، بنسبة تتراوح بين 20 و50 في المئة، كما أن نحو 98 ألف أميركي يتوفون سنوياً في مستشفيات الولايات المتحدة لغير الأسباب التي أدخلوا على أساسها المستشفى بفعل الأخطاء، كما أن حوالي نصف نسبة ما يتعاطاه الأطفال كمضادات حيوية لالتهابات الأذن ليس لها داع.

وتركزت موضوعات المؤتمر الدولي الآسيوي للجودة والذي عقد بتنظيم من قبل وزارة الصحة السنغافورية وبالتعاون مع المعهد الأميركي للجودة إلى جانب المجلة الطبية البريطانية تركزت على جوانب سلامة المرضى خلال علاجهم في المستشفيات والمؤسسات الطبية، إذ بيّن تقرير صادر من المعهد الأميركي الطبي وجود خلل في نوعية الخدمة المقدمة للمراجعين من المرضى الأميركيين في أنحاء الولايات المتحدة كافة، وتضرر من ذلك الكثير منهم.

وأشار إلى أن الأبحاث أثبتت أن أسباب الانعكاسات تتمثل في ثلاثة محاور أساسية، أولها الزيادة غير المطلوبة في العلاج والفحوصات لبعض الحالات، والنقص غير المقبول في تقديم العون للمرضى، وإساءة العلاج والأخطاء الطبية.

ففي مجال الزيادة غير المطلوبة في العلاج أوضح التقرير أن 30 في المئة من الأطفال يحصلون على مضادات حيوية ليسوا في حاجة لها لعلاج التهاب الأذن. وأن ما بين 20 و50 في المئة من العمليات الجراحية التي عملت ليس لها داع، كما أنه لا داعي لما نسبته 50 في المئة من الأشعة التي يطلبها الأطباء.

أما في جانب القصور في تقديم الخدمات فقد أوضح التقرير أن 50 في المئة من المسنين لا يحصلون على التطعيمات الخاصة بالالتهابات الرئوية، وهي اللقاحات التي يتطلب توفيرها لجميع المسنين، و50 في المئة من حالات إصابات القلب الحادة لا يحصلون على الأدوية التي يستلزم استعمالها لهم.

أما من جانب الأخطاء الطبية فيتعرض 7 في المئة من المرضى الذين يتم إدخالهم إلى مستشفيات الولايات المتحدة لأخطاء طبية متنوعة. وبين التقرير كذلك أن 44 إلى 98 ألف أميركي يتوفون من أسباب ليس لها علاقة بالمرض الذي تم إدخالهم المستشفى من أجله سنوياً (أي من أخطاء تتم داخل المستشفى وتؤدي إلى الوفاة وليس المرض الذي يعاني منه المريض).

يذكر أن الوزارة أنشأت قسماً خاصاً تابعاً لوكيل الوزارة للإشراف على هذه الأنشطة. ويتم التعاون مع ديوان الخدمة المدنية وقوة دفاع البحرين في المشاركة في معظم الأنشطة المحلية والتدريبية خصوصاً.

وسيتم في الأسبوع المقبل استضافة أحد الخبراء في مجال الجودة في الولايات المتحدة لتقديم محاضرة تتعلق بالجانب الطبي وكذلك مجالات وأساليب الاعتراف بالمؤسسات الطبية. وسيدعى إلى حضور تلك المحاضرات عدد من العاملين في وزارة الصحة والذين تم اختيارهم ليكونوا مشرفين ومعاونين للمديرين والقياديين في مجال تحسين الجودة، ويمثلون فئات الوزارة كافة، ويبلغ عددهم 80 شخصاً.

كما سيتم ابتداء من الشهر المقبل تنظيم ما يسمى بـ «منبر الجودة» يتم من خلاله إعطاء المجال لعرض تجارب بعض الأقسام في تحسين الجودة. وتتم مناقشة ذلك باستضافة بعض الخبراء في هذا المجال لإرشادهم إلى أفضل السبل للوصول إلى الأهداف التي تم الاتفاق عليها ونشرت في كتيب سياسة الوزارة واستراتيجياتها المستقبلية.

وفي أميركا تم وضع حد للعادة القديمة التي تمارسها شركات صناعة الأدوية وهي إغداق الهدايا الثمينة على الأطباء وعمل الحفلات الخاصة لهم. وبموجب الحظر سيتم إلغاء الرحلات البحرية ومعدات الجولف وتذاكر الحفلات والولائم الفاخرة وطرق «البيع السهل» الأخرى كجزء من سلسلة اقتراحات صارمة تهدف إلى تغيير النظام الكلي لمبيعات الأدوية في الولايات المتحدة.

وبموجب القوانين الجديدة سيتم تحديد قيمة الهدايا بما يعادل قلم حبر جاف ذات علامة تجارية معروفة أو كرة صغيرة. وسيحظر القانون الذي مازال على شكل مسوَّدة كثيراً من الممارسات التي تعتبر حتى الآن جزءاً مهماً من خطة تسويق المستحضرات الصيدلية ومع اشتداد المنافسة بين شركات صنع الأدوية - خصوصا بين صانعي الأدوية السائبة (غير المسجلة في دائرة العلامات التجارية) - فإن هذه الشــــركــــات ما زالت تعتبر موازنتها المخصصة لأغراض التسلية سلاحاً رئيسياً في مستودع مبيعاتها. وإذا ما تم إقرار القوانين الجديدة فسيكون لذلك تأثير على شركات الأدوية في جميع أنحاء العالم والتي تعتبر من أكثر الشركات المربحة

العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً