العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ

النجار: خريطة القوى السياسية في البحرين مرشحة للتغيير

في ندوة «المنبر» عن الحراك السياسي...

أكد أستاذ علم الاجتماع والأكاديمي باقر النجار «أن خريطة القوى السياسية في البحرين وتوازناتها ودورها في مراكز القوى مرشحة للتغيير بشكل أو بآخر مع وتيرة الحوادث والتراكمات السياسية، وخصوصا في الجسم السياسي الشيعي ستزداد تغيرا مع قرب الاستحقاق الانتخابي في برلمان 2006». جاء ذلك في محاضرة عن الحراك السياسي في البحرين بجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي في الزنج مساء أمس الأول.

وقال النجار إن مفهوم الحراك السياسي يقصد به «تأثر مجموعة من الأفراد والجماعات في حركة النظام السياسي، وهذه التنظيمات تشكل جزءا من النظام السياسي في بعده الاشمل» متسائلا «الى أي مدى تستطيع هذه القوى أن تخلق حالة من حالات الحراك السياسي التي تقود الى شكل من أشكال التغيير».

وأضاف النجار قائلا «ليس شرطا أن يكون التغيير يسير نحو الأفضل دائما، بمعنى أنه قد يتقهقر بعض الشيء حتى وان كانت سنة الحياة أن المجتمعات الإنسانية تسير نحو التغيير الايجابي. والحراك السياسي الناتج من رغبة أو توجه من قبل السلطة السياسية قد تتمخض عنها أنماط مختلفة من الصراع».

موضحا أن الصراع - لدى علماء الاجتماع - هو مفهوم يعني ديناميكية داخل المجتمع تقود الى شكل من الحراك السياسي الذي يستلزم آلية تضبط ايقاعه».

وأشار النجار الى أن البحرين «عاشت حراكا سياسيا حتى قبل فترة اكتشاف النفط انعكاسا لديناميكية المجتمع البحريني، وطبيعة التركيبة الاثنية وصيغة النظام الاقتصادي قاد الى حالات من التجاذب الاجتماعي عرفته هذه الجزيرة منذ زمن ليس بالقصير، وخلقت تلك التجاذبات صراعا أغنى التجربة السياسية البحرينية وولدت نضجا سياسيا ليس متوافرا في غالبية المجتمعات الخليجية المجاورة».

ويعرج النجار على التجربة الإصلاحية التي قادها جلالة الملك الذي «شكل مفاجأة كبيرة للكثير من القوى، وبعضها استطاع أن يغير من نمط حياته ليتكيف مع العهد الجديد، لكن البعض الآخر لم يستطيع أن يكيف نفسه بل عاش حالات الغلق والانطواء التي تنعكس على ممارستهم السياسية (...) ما يحصل في المجتمع البحريني سواء القبول بالعملية السياسية أو الخروج عنها يعبر عن حيوية المجتمع البحريني، واستشهد النجار بما قاله أحد الأكاديميين الخليجيين المتابعين للشأن السياسي الذي استغرب من وجود هذا الحراك «نستغرب كثيرا نحن في دول الخليج عندما نسمع أن جزءاً من الشعب البحريني ارتضى الدستور وآخر عارضه، والبعض دخل التجربة البرلمانية وآخرين قاطعوها، ففي بلادنا أقر الدستور من دون أن يكترث أحد».

وأكد النجار أن «خريطة القوى السياسية في البحرين تقوم أساسا على ركيزة دينية ومذهبية، وتكاد أن تشكل الثقل السياسي والجماهيري في الشارع البحريني سواء في الجانب الشيعي أو السني».

مستدركا «القوى العلمانية قد تؤثر في العملية السياسية لكنها لا تستطيع الهيمنة على الحال الجماهيرية من دون نسج تحالفات مع بعض المستقلين في التيار الديني». منوها بأن «هذه القوى المختلفة المؤثرة في العملية السياسية أفرزت برلماناً متلكئاً ولا يشكل سلطة ندية للمجتمع في قبال السلطات الأخرى».

وحمل النجار قوى المجتمع المختلفة ضعف الغرفة المنتخبة قائلا « ضعف المجلس التشريعي لا يتحمل كل المسئولية المشاركون فيه بقدر ما تشترك في ذلك مراكز القوى المتجاذبة التي تشكل في مجموعها النسيج السياسي في البحرين».

وفي معرض حديثه عن مستقبل الجهات المقاطعة للعملية النيابية أشار الحواج الى أن «جمعية الوفاق (الجسم الأكبر في التيار المقاطع) ستكون أمام استحقاقات مع جماهيرها مع اقترابنا من ميقات الانتخابات المقبلة لانتخاب سلطة تشريعية جديدة بعد عام ونصف، وستكون الوفاق عرضة لانشقاقات غير عادية تنتج عنها فسيفساء داخل الجسم الشيعي في حال لم تتمكن الوفاق أن تتكيف مع المدخلات ذات الوتيرة المتسارعة التي تطرأ على العملية السياسية».

وعن القوى السياسية السنية رأى النجار أنها تتجسد في فصيلين رئيسيين هما: «تيار الإخوان المسلمين الذي يتمثل في جمعية المنبر الإسلامي، والفصيل السني الآخر هو التيار السلفي الذي قال إنه سيتغير خلال السنتين المقبلتين».

وتنبأ باقر بتقلص تأثير بعض القوى الدينية على الشارع البحريني خصوصا مع أدائها المتلكئ في البرلمان الحالي بقوله «لا أتوقع للسلف أن يحصلوا على مقاعد أكثر في البرلمان المقبل لكنهم قد يحافظون على حصصهم الحالية».

أما الجماعات السياسية الأقرب الى العلمانية وهي جمعيات (العمل، المنبر، البعثيين، الليبرياليين) فستكون حصتهم في الكعكة النيابية معتمدة على مدى قدرتهم على نسج تحالفات جديدة مع القوى الدينية الأخرى. كما أن التجار كقوة اقتصادية لن يخترقوا التجربة البرلمانية المقبلة وفق غطاء سياسي واضح إذا فشلوا في رهان التحالفات.

وعن الحوادث السياسية التي عصفت بالبحرين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية تساءل النجار عن مدى تأثيرها على المشروع الإصلاحي وهل أنها ستساهم في تراجع التجربة وأجاب قائلا «الذي جرى في العشرين يوما الأخيرة لن يترك تأثيراً استراتيجياً وبعيد المدى على المشروع الإصلاحي، فلا يوجد خيار للدولة والمجتمع سوى المضي قدما في هذا المشروع (...) التجربة ستستمر مع بعض المنغصات التي تطرأ بين الفينة والأخرى». مراهنا على الضمانات الداخلية والدولية «فمؤسسات المجتمع المدني حققت بعض المكاسب التي لا يمكن التراجع عنها إضافة الى تأكيد من قمة الهرم السياسي المتمثل في عاهل البلاد وتأكيده المستمر ألا عودة الى الماضي. هذا كله بجانب الضمان الدولي فالمجمع الدولي يتغير بطريقة غير عادية، والدولة والمجتمع عليهما مواكبة ولحاظ هذه المتغيرات لكيلا نبقى نغرد خارج السرب».

وبخصوص تفسيره لما تشهده الساحة من تصعيد قال النجار إن «هذا إفراز لمجتمع عاش لربع قرن تحت طائلة أمن الدولة، والبعض يسعى لجني ثمار سريعة لعملية إصلاحية ستستغرق سنين حتى تترسخ، وتراكمات العقود السابقة لا تستطيع الدولة القضاء عليها بين عشية وضحاها، كما لا ننسى أن هناك أطرافاً خسرت من هذا المشروع، لان الحصص والمعادلات ومراكز القوى قد تغيرت عما هي عليه في زمن أمن الدولة». واختتم النجار حديثه موجها رسالة لقوى المجتمع كافة «علينا جميعا - كدولة ومجتمع - أن نعمل سويا من أجل لملمة أنفسنا والذهاب بثقة الى المستقبل في عالم متحول باستمرار». يذكر أن النجار قد شغل مناصب أكاديمية كثيرة، كما عين في مجلس الشورى في العام 2000 لسنتين

العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً