يُدخِل قرار وقف الهبات النفطية السعودية الاقتصاد البحريني في حقبة جديدة من الاعتماد على النفس ويلقي بمخاوف وضغوط على المدى الطويل أكثر منها على المدى القصير إذ يتوقع أن تغطي أسعار النفط المرتفعة انخفاض الكميات الناجم عن قرار السعودية الأخير في الوقت الحالي.
وليس من المعروف ان كان القرار السعودي قد اتخذ وفق جدول زمني وخصوصاً أن الاتفاق لم يكن رسمياً بين الطرفين اللذين اقتسما انتاج حقل أبوسعفة (75 ألف برميل يومياً لكل منهما)، بحسب اتفاق ابرم بينهما منذ 1985 ثم تنازلت السعودية عن نصيبها من انتاج الحقل للبحرين في 1996، وأصبحت البحرين تحصل على ايرادات اجمالي انتاج الحقل وبعد ثلاث سنوات أضافت السعودية هبة نفطية أخرى تعادل 53 ألف برميل يومياً من حقول أخرى، الا أن الواهب والموهوب لابد أنهما يترقبان - كل وفق مصالحه - يوما ستتوقف فيه هذه الهبات، وربما عجّل ارتفاع أسعار النفط الذي تزامن أيضا مع انتهاء أعمال التطوير والتوسعة لحقل أبوسعفة التي ضاعفت انتاجه من 150 إلى 300 الف برميل يوميا بقرار السعودية وقف هباتها النفطية للبحرين التي ستمكنها هذه المستجدات من تجاوز الصدمة التي قد يحدثها انخفاض موردها الرئيسي في الموازنة.
وربما توفر الظروف المنقذة التي تواكبت التطورات الأخيرة للبحرين فرصة ذهبية لاعادة ترتيب الأولويات والبحث بجدية أكبر عن مصادر بديلة للنفط وخصوصاً أنه حتى النفط المستخرج من حقل عوالي والذي يبلغ نحو 40 ألف برميل يوميا معرض للتناقص خلال السنوات العشر المقبلة بحسب تقديرات تقرير ستاندرد أند بورز لعامي 2002 و2003.
وهذا التقرير نفسه اعتبر أن اعتماد ايرادات الحكومة على مصدر واحد من الدخل من النقاط المقيدة للتقرير. وفي السياق نفسه تثير المستجدات الأخيرة مخاوف على تصنيف البحرين الائتماني الذي استفادت منه في خفض تكاليف الاقتراض وخصوصاً من السوق الدولية اذ يشير تقرير ستاندرد أند بورز بوضوح الى «ان التصنيف مبني على أساس أن هذا الاتفاق (البحريني - السعودي) سيظل سارياً على المدى المنظور وعلى أساس أن احتياطي هذا الحقل سيتواصل على مدى عقود مقبلة بمعدلات الاستخراج المخطط لها (300 الف برميل يوميا)، وعلى رغم أن الحكومة ستواصل اعتماد أسعار نفطية متحفظة فإن اعتمادها الكبير على ايرادات نفطية من حقل أوفشور واحد يعتبر مصدر مخاطرة». تبدو البحرين موفورة الحظ لتواكب «الظروف المنقذة» مع قرار الجارة الكبرى الذي كان سيأتي يوماً ما، الا أن هذه المستجدات تلقي بأعباء جديدة على صناع القرار للاقتصاد وتنبه مرة أخرى الى أن النفط ليس هو خيار المستقبل ولابد من البحث عن مصادر متنوعة بديلة عنه
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 787 - الأحد 31 أكتوبر 2004م الموافق 17 رمضان 1425هـ