بعد محاولاته اليائسة للحصول على قاعدة شعبية عريضة، تؤهله لخوض غمار الانتخابات السويدية القادمة في 19 سبتمبر/ أيلول 2010، ظهر رئيس حزب «اسكونا» اليميني المتشدد، هيرسلو، يستجدي الجمهور السويدي في جنوب البلاد، للوقوف إلى جانب حزبه المتهالك، وغير المعروف حتى على مستوى مدينة مالمو (جنوب السويد) التي يتخذها مقراً له منذ تأسيسه في العام 1979، ولم يحصل في الانتخابات السابقة سوى على 1,81 في المئة من أصوات الناخبين في المدينة الكبيرة، في الانتخابات التشريعية المقبلة، عبر الدعوة العنصرية الشوفينية، التي أطلقها ضد الإسلام بوصفه ديناً لا يعترف بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والفيلم القصير «6 دقائق و6 ثوانٍ» الذي صور فيه النبي محمد «53 عاماً» مع زوجته القاصرة «9 سنوات» للدعاية الانتخابية في المدينة، والذي ادعى بأن موقع اليوتيوب الدولي قد حذفه من برامجه التصويرية، واتخذ من ذلك ذريعة للتشهير بالإسلام وطالب باستئصال المسلمين الذين يرتزقون من أموال السويد - بحسب رأيه - وطردهم من جنوب البلاد.
بهذا الخطاب الفاشي وبهذه الهلوسة الشوفينية، حاول مؤسس الحزب وزعيمه هيرسلو، أن يضرب على الوتر الحساس عند بعض الجمهور السويدي المتعصب جداً تجاه الأقليات القومية والاثنية والدينية وبخاصة المسلمين والعرب، لكي يرفع من رصيده الشعبي في جنوب السويد، عله يحظى بمقعد واحد على الأقل في البرلمان، متناسياً بأن القوانين السويدية بالرغم من تشديدها على ضمانات حريات التعبير، تمنع استخدام شعارات العنصرية والشوفينية والنازية الجديدة، وتقاضي من يروج لها، وإضافة لذلك، فإن الكثير من الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية والدينية وغالبية الشعب السويدي، الذين يفتخرون بتقاليدهم الديمقراطية والإنسانية، يعبرون عن رفضهم لكل الدعوات التي تثير النعرات العنصرية في المجتمع، ويجمعون على أن هلوسات، هيرسلو ودعواته الشوفينية ضد الإسلام، لم تعد ذات معنى وغير مرحباً بها في السويد.
وبدلاً من أن يحترم هيرسلو، ضمانات المساواة واحترام الأديان المكرسة في الدستور السويدي وفي الشرائع الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالغ في كل هذه القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، ومضى غير آبهٍ عكس هذا التيار.
ولكن بالرغم من هذه الدعوة النشاز وجميع الأصوات الداعمة لها في السويد، بين الأحزاب والمنظمات اليمينية المتطرفة التي برزت في الفترة الأخيرة، فإن ثمة الكثير في الواقع الراهن ما يؤكد استحالة حصول هيرسلو وحزبه على أصوات تؤهله حتى على النقاط التي تسمح للحزب بالمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، وتنفيذ دعواته الشوفينية بتنظيف مدينة مالمو وجنوب السويد من الإثنية المسلمة، إضافة إلى عوامل أخرى على الصعيدين الأوروبي والعالمي، تتعلق بالقانون الدولي وشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ناهيك عن رغبة غالبية الأحزاب السياسية والمجتمع المدني التي بدأت في خلال السنوات الأخيرة، بالاختلاط العضوي مع كافة الأقليات وتقاسم العيش معهم في وطن يتسع للجميع.
الخطر الداهم في هذا الشأن كما يعتقد المراقبون، ليست دعوة هيرسلو، بذاتها لأنه ليست هناك من قواعد شعبية كبيرة يمكن أن تدعم بقوة فكرة شوفينية، بل الخوف من أن تكون هناك نوايا شريرة من جانب قواعد الحزب المتطرفة جداً، تقود إلى أفعال انتقامية متعددة تجاه الأقلية المسلمة في جنوب السويد، بعد فشل الحزب من إحراز أية فرصة تذكر لخوض الانتخابات التشريعية القادمة.
كل الأحزاب والقوى السياسية والحقوقية بما في ذلك الحكومة السويدية، ترفض الدعوة الشوفينية التي أطلقها هيرسلو، كبالون اختبار بشأن الإسلام والأقلية المسلمة في جنوب السويد، وتعتبرها ليست أكثر من مجرد مناورة سياسية مفضوحة، أراد من خلالها إبقاء الأضواء مسلطة عليه وعلى حزبه المتهالك الضعيف، وليس هناك أكثر من هذه الزوبعة الإعلامية
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 2809 - السبت 15 مايو 2010م الموافق 01 جمادى الآخرة 1431هـ