قال السيد عبدالله الغريفي، في حديث الجمعة مساء أمس الأول بجامع الإمام الصادق (ع) بالقفول، إنه «من القبيح جدا في مثل هذه المنعطفات الصعبة، والأوضاع المتأزّمة أن نعيش استهدافاتٍ ذاتيّة، أو أنانيّات منغلقة، ولا يعني هذا الهروبَ عن المصارحة حينما تفرض المسئوليّة الشرعيّة المصارحة والمحاسبة والمراجعة». مشددا على أنه «ليست هناك خياراتٌ معصومة؛ فمطلوب منّا جميعا أن نقترب من الخيار الأصلح إن استطعنا أن نتّفق على معايير الخيار الأصلح استنادا إلى ضوابط الشرع وحسابات الواقع».
وقال الغريفي: «أعيد إلى ذاكرتكم ما قلته في حديثي السابق، لقد قلت إن هناك موقفين في التعامل مع الظروف الموضوعيّة المتحركة في السَّاحة، وأقصد بالظروف الموضوعيّة: الأوضاع الثقافيّة، والأوضاع الاجتماعيّة، والأوضاع السّياسيّة، وكلّ ما له تأثير في صنع الواقع المتحرك حول الإنسان من عوامل داخليّة وخارجيّة. وفي التعامل مع هذا الواقع هناك موقفان خاطئان، وحينما أطرح هذه القراءة فأنا لا أستهدف أحدا أبدا».
واستطرد «عندما تحدّثت عن تعدّد القناعات الدينيّة والثقافيّة والسّياسيّة، وصنّفت هذا التعدّد إلى تعدّدٍ مقبولٍ وتعدّدٍ مرفوض، هل في هذا ما يصادر حقّ الآخرين في الاختيار والانتماء؟ من أجل أن نحصّن حالات التعدّد والتنوّع في اتجاه التوحّد حول الأهداف الكبيرة المشتركة، ومن أجل حماية الواقع من التشظّي والشتات، يجب أن نؤسّس لتنوّعات واعية ومدروسة، وهذا الكلام قبل أن يكون موّجها للآخر ولقناعات الآخر هو موّجهٌ للذات، ولقناعات الذات، فما هي مبررات الانزعاج؟»،
متابعا «أنا واثق أنّ الحوارات الجادّة والهادفة والصادقة قادرةٌ على أن تقارب بين القناعات وبين الخيارات».
واستدرك السيد الغريفي «نعود للإجابة عن التساؤل المطروح في بداية الحديث، قلت: إنّ هناك صيغتين للتعامل مع الظروف الموضوعيّة المتحرّكة ومع الواقع الضاغط؛ الصيغة الأولى: الاستسلام لهذه الظروف ولهذا الواقع ومن خلال هذا الاستسلام تتشكّل حالات الخنوع والتراجع والانهزام والتخلّي عن المسئوليّات، ويحاول هؤلاء المستسلمون أن يبرّروا لموقفهم هذا بمبرّرين؛ المبرّر الأول: قسوة الظروف الضاغطة والمبرّر الثاني: ضعف الإمكانات والقدرات. فلا خيار إلاّ الصمت والانتظار إلى أن يأذن الله تعالى بالفرج»، موضحا «لنا حول هذه الصيغة كلامٌ لا يتسع المقام لذكره. فلا تسقط مسئوليّة الجماعة المؤمنة إلاّ وفق معايير الشرع».
أما فيما يخص الصيغة الثانية فلخصها الغريفي في «إلغاء كلّ الحسابات الموضوعيّة، ممّا ينعكس على طبيعة الأساليب والخيارات المعتمدة»،.
العدد 2381 - الجمعة 13 مارس 2009م الموافق 16 ربيع الاول 1430هـ