العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ

تدوير أموال الغاز القطرية في شراء الأصول البريطانية

لم تكن صفقة شراء القطريين لمحلات هارودز الشهيرة بنحو 1.5 مليار جنيه إسترليني الأولى في سلسلة الاستثمارات القطرية في بريطانيا، والأرجح أنها لن تكون الأخيرة.

وفي مؤتمره الصحافي العفوي بعد توقيع الصفقة، قال رئيس وزراء قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، إن «قطر القابضة» ستطور «هارودز» لخدمة السياحة في لندن والشعب البريطاني.

والحقيقة، أن الخدمات القطرية للاقتصاد البريطاني المتدهور لم تتوقف في السنوات الأخيرة، إلى حد أن البعض بدأ يتندر بسيطرة قطرية على العاصمة البريطانية.

وبدلاً من أن تسمى لندن، كما في الإسبانية والعربية القديمة «لندرة» سمتها إحدى الصحف الشعبية «لندوحة» (في مزج بين لندن والدوحة عاصمة قطر).

ففي مارس/ آذار الماضي افتتحت ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، مع أمير قطر الشيخ، حمد بن خليفة آل ثاني مرفأ الغاز الطبيعي القطري (ساوث هوك ترمينال) في ميلفورد هافن، جنوب بريطانيا.

ويعد المرفأ منفذاً رئيسياً للغاز القطري، ليس لبريطانيا فحسب وإنما لأوروبا بأسرها.

ويغذي المرفأ حقل غاز رئيسياً في قطر يحتوي على ما يكفي لتشغيل كل ما يعمل بالغاز في بريطانيا لأكثر من 250 عاماً.

وربما تكون قطر أقل دول العالم تأثراً بالركود الاقتصادي العالمي والأزمة المالية الأخيرة، وينمو اقتصادها بأكبر نسبة في العالم وبأكثر من نمو اقتصاد الصين.

ولابد لتراكم فوائض الأموال من منافذ، ومع خطورة المشتقات في أسواق الأسهم والسندات لن يكون هناك أفضل من تدوير المال بشراء الأصول.

وتعد بريطانيا من أكثر دول العالم إغراء بالشراء فيها، وقطاعها العقاري يمثل ملاذاً استثمارياً آمناً كالمعادن الثمينة. لذا تنساب الأموال القطرية إلى الاقتصاد البريطاني، ويتوقع أن يستمر هذا التوجه.


استثمارات

ويتوقع أن تكون الاستثمارات القطرية في بريطانيا في الآونة الأخيرة قد تجاوزت 10 مليارات جنيه إسترليني، وقد تصل إلى 15 مليار جنيه.

فشركة قطر القابضة، وهي الذراع الاستثمارية للصندوق السيادي القطري ـ هيئة الاستثمار القطرية ـ تملك 26 في المئة من أسهم سلسلة محلات سينزبري، وكانت تتفاوض على شراء البقية.

وتملك هيئة الاستثمار القطرية 20 في المئة في شركة التطوير العقاري تشيلسفيلد التي تعمل على تحويل شيبردز بوش بافيليون إلى فندق فخم، كما تطور مبنى معهد الكومنولث السابق في كنزنغتون هاي ستريت.

وتقدمت شركة استثمار قطرية مدعومة حكومياً لشراء شركة المياه البريطانية تيمز ووتر العام الماضي في صفقة قيمتها 8 مليارات جنيه، ولم تتم الصفقة.

كما تملك «قطر القابضة» شركة سونغبيرد إستيتس التي تملك مبنى ون كندا ستريت في كاناري وورف، حي الأعمال الجديد المطور حديثاً قرب حي سيتي أوف لندن.

وفي عز الأزمة المالية زادت هيئة الاستثمار القطرية نصيبها في بنك باركليز بضخ مليار جنيه إسترليني فيه إلى جانب حصة 8 في المئة من أسهمه التي كانت تملكها قبلاً.


عقارات

وفي العام 2006 اشترت هيئة الاستثمار القطرية أكبر سلسلة من بيوت الرعاية الصحية البريطانية هي فورسيزونز هيلث كير بمبلغ 1.4 مليار جنيه إسترليني.

ويملك القطريون 80 في المئة من مشروع برج شارد أوف غلاس قرب جسر لندن بريدج الذي سيفتتح العام 2012 كأطول مبنى في أوروبا؛ إذ استثمرت قطر القابضة فيه 2 مليار جنيه إسترليني مطلع العام 2008.

وبنهاية العام الماضي اشترت شركة ديار، الجناح العقاري لهيئة الاستثمار القطرية، مبنى السفارة الأميركية في غروزفنر سكوير في قلب لندن. وكان المبنى قدرت قيمته بنصف مليار جنيه إسترليني قبل عامين.

ومع أن القطريين لم يعلنوا قيمة الصفقة مع الأميركيين، إلا أنه يعتقد أنهم دفعوا في ذلك الجزء من أميركا أقل قليلاً من 300 مليون جنيه.

واشترى القطريون ثكنات تشلسي، ليس بعيداً عن هارودز، ومساحتها نحو 13 فداناً من وزارة الدفاع البريطانية قبل ثلاث سنوات تقريباً.

وتخطط شركة ديار القطرية لمشروع إسكاني باستثمارات تصل إلى 3 مليار جنيه إسترليني في مكان ثكنات تشلسي.

وإلى جانب عدد من البيوت الفخمة التي تملكها العائلة الحاكمة، يملك رئيس الوزراء القطري، مبنى ون هايد بارك، الذي دفع فيه 100 مليون جنيه إسترليني.

تلك مجرد أمثلة على استثمارات مالية وعقارية قطرية في بريطانيا يتوقع لها أن تزيد، وخاصة مع استمرار الوضع الاقتصادي المتردي في بريطانيا.

ومع الركود، تراجعت أسعار كثير من الأصول البريطانية والعقارية منها خصوصاً ما أغرى من يملكون الأموال بالشراء وتسابق القطريون مع مليارديرات روسيا على أصول بريطانيا.

كما أن استمرار انخفاض سعر العملة البريطانية (الجنيه الإسترليني)، في الآونة الأخيرة يجعل الشراء في بريطانيا فرصة استثمارية، على أمل ارتفاع سعر الجنيه فيما بعد.

ومع أن تلك الاستثمارات تبدو طويلة الأجل؛ ما يعني قلة المخاطر فيها فليس هناك ما يضمن أن يتعرض الاقتصاد البريطاني لانتكاسة أخرى وخاصة إذا جربت حكومة جديدة في لندن إجراءات اقتصادية غير مدروسة.

وفي هذه الحال قد لا يكسب القطريون كثيراً، مثلما فعلوا عندما باعوا مؤخراً جزءاً من أسهمهم في باركليز إثر ارتفاع سعره فكسبوا أكثر من نصف مليار جنيه إسترليني في عدة أشهر.

العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً