تضاربت الأنباء بشأن صحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والتي لاشك أنها آخذة في التدهور، وتضاربت أيضاً التوقعات والشائعات المتعددة، وأصبح عرفات من جديد حديث الساعة وأخبار صحته طغت على ما دون ذلك حتى وإن كان اجتياح نابلس وقصف خان يونس وتجريف رفح.
مع تواتر هذه الأنباء والشائعات بدأ المستشارون والمطلعون على خفايا القضية الفلسطينية عزفهم بالنفي والإنكار والاستنكار لأن «الرئيس» بألف خير وصحته «زي البمب» وأن ما يشاع عن مرضه «مؤامرة للنيل من صموده» وبرزت مواهب البعض الطبية لتعلن أن الأمر لا يتعدى «انفلونزا حادة»، متناسين أن هذه الانفلونزا استدعت حتى الآن إستشارة أطباء من الأردن ومصر وأخيراً من تونس!
السؤال حقيقة ليس عن طبيعة المرض، ولكن عن طبيعة فنون النصب والكذب والاحتيال والمحاولات اليائسة البائسة للضحك على عقولنا وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بشأن من شئون الرئاسة. إن سياسة الإخفاء والإنكار والنفي والادعاء لم تعد مجدية لأن إرادة الله أقوى منهم جميعاً، والقضاء والقدر لا مهرب منه وتصريحاتهم الجوفاء لن تنطلي على أحد، والأفضل لهم أن يواجهوا حقيقة مرض عرفات، وأن يبحثوا عن حلول لمشكلات الشعب ومصائبه.
قضية فلسطين وشعبها لن تتوقف عند شخص مهما بلغت مكانته لدى البعض، ومحاولات ربطها بمصير فلان أو علان تتفيه لها وتحقير لنضالات شعبها. لقد رحل من هو خير منه ومنا جميعاً، رحل سيد الخلق وخاتم المرسلين، ورحل أيضاً من هم خير منه، القادة العظماء أمثال عزالدين القسّام، لم ينته الكون لمرض أو رحيل أحد ولم يتوقف الزمان. إن كان مريضاً فلم الإنكار؟ وإن كان سليماً فلماذا الضجة؟ وإن كان سيرحل فهو ليس الأول ولن يكون الأخير! لنتخلص من عقلية الزعيم الأوحد الذي لا يخطئ ولا يمرض ولا يرحل، ولتصمت الأبواق التي تنعق صباح مساء، ولنتذكر أنها «لو دامت لغيرك لما آلت إليك»
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 786 - السبت 30 أكتوبر 2004م الموافق 16 رمضان 1425هـ