الرهان على الولايات المتحدة الأميركية في دعم الديمقراطية العربية رهان خاسر حتى لو حاولت الولايات المتحدة أن توزع انتقاداتها للتجارب أو الوضع العربي... الولايات المتحدة حينما تنتقد هنا أو هناك أيّ وضع عربي إنما تهدف من ذلك إلى اللعب على عواطف دعاة المجتمع المدني ليس إلا، أو من باب ذر الرماد في العيون وفي أسوأ الاحتمالات لن تقبل بـ «زعل» المتحالفين. هذه نقطة جديرة بالاهتمام عندما نريد أن نقرأ واقعنا السياسي.
أعتقد أنه للدخول في العمل السياسي يجب أن نمتلك المعلومات الكافية عن طبيعة تفكير الولايات المتحدة وما هي أجندتها وأين تكمن مصالحها.
الإسلاميون في وطننا العربي يجب ألا يغازلوا واشنطن كثيراً فهي لن تقدم لهم شيئاً وإن قدمت بعض الشيء فإنما وراء الأكمة ما وراءها وينطبق عليها قول الشاعر:
إن ابن آدم لا يعطيك نعجته
إلا ليأخذ منك الحمل والجملا
كل هذه الدول تتبع سياسة ميكافيللي في كتابه «الأمير» وتنتهج نهجاً براغماتياً وتتحرك وفق قواعد اللعبة السياسية وكذلك الواقعية.
هذه الدول تلعب لعبة مصالح وكي نفهم اللعبة يجب ألا ندخل بعقلية اليوتوبيا وإلا ستكون الصدمة كبيرة.
وانظر إلى واقع الإسلاميين في الأردن، في مصر، في الجزائر، في تونس، وفي كل البلدان...
المجتمع الدولي يتحرك وفق مصالحه وأولى هذه المصالح الصفقات التجارية، وعلى مستوى المشروع السياسي يعمل على تعبيد الطرق المؤدية إلى تقوية «إسرائيل» في المنطقة. بعبارة أخرى يجب على القوى السياسية في دولنا العربية أن تقرأ الخريطة السياسية بشكل صحيح. إن دعوة الغرب أو أميركا تحديداً الداعية إلى دمقرطة الخليج أو العالم العربي شعار جميل، لكنه فضفاض ويحمل كل التفاسير. وهناك نقطة مهمة هي أن أميركا سيئة الظن بالحركات الإسلامية بل بالإسلام ولا تؤمن أن هناك اعتدالاً وتعتبر أن كل اعتدال مآله إلى تطرف.
بعد مرور سنين طويلة وصلت الأنظمة العربية وكذلك الحركات إلى خيار لا رجعة فيه وهو خيار السلم ونبذ العنف، فالعنف أياً يكن مصدره يصبح كارثة على الجميع. من يقرأ خطاب الشيخ عباسي مدني ما قبل الانتخابات في الجزائر يجد أنه يختلف عن خطاب ما بعد الأزمة التي مرت. من يقرأ خطاب الإسلاميين في الأردن ما قبل أزمة نهاية الثمانينات يجد أنه يختلف عن خطابهم الآن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مصر. وهكذا الجميع يشعر بضرورة التسوية والشراكة في العمل السياسي والعمل وفق الأطر السلمية، وهذا ما نراهن عليه في تجربتنا البحرينية الوليدة من كل الأطراف. إذاً فالدول الغربية وخصوصاً أميركا تعمل لأجندتها. لذلك علينا أن نقرأ الغرب بلغة براغماتية حتى نفهم كيف يفكرون
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 785 - الجمعة 29 أكتوبر 2004م الموافق 15 رمضان 1425هـ