الأجواء في هذه الأيام مشحونة والاعصاب مشدودة بين الشارع والحكومة إلى درجة لا يمكن إنكارها على الاطلاق.
فالتطرف لدى كلا الطرفين واضح وتصرفاتهما متخبطة إلى مدى يتعارض مع حال الانفتاح التي تعيشها البحرين منذ ثلاث سنوات، ويبدو ان الوضع في طريقه إلى الوراء بدلاً من التقدم، هذا الا اذا تدخل العقلاء وهدأوا الامور.
لهذا كفانا نفاقاً وتجميلاً لوضعنا البحريني، فالمنتفعون والانتهازيون - سواء كانوا من أبناء البلد أو غيرهم - هم في الواقع قلة، بينما الأكثرية لا تنعم باي شيء على رغم أن بلادنا تصنف دوليا بأنها بلد نفطي غني وحاليا ديمقراطي منفتح مع أن الصفتين الاخيرتين في طريقهما إلى الزوال إذا ما استمرت الأوضاع الحالية بهذه الصورة الكئيبة.
إذ لا يمكن أن نغفل حال «الاحباط» التي تخيم على الغالبية البحرينية والتي تتجلى في أحاديثها ومجالسها الرمضانية لمختلف الفئات العمرية... فالوعود والكلام كثير بينما الأفعال قليلة.
وكم هي القضايا المعلقة التي لا تلقى إلى حد الآن أية حلول جذرية من حكومتنا أو اهتمام جدي من نوابنا المشغولين بأمور مخجلة أحيانا أو أمور رجعية أحياناً أخرى.
وشخصياً، انقل موقفاً بسيطاً تعرضت له منذ يومين ولكن مدلولاته كبيرة... وجدت سيدة كبيرة في السن تتصبب عرقا وهي تلهث في مشيتها ممسكة ببعض العملات المعدنية القليلة في يدها متجهة إلى قسم المخبز والحلويات في احد الأسواق المعروفة في المحافظة الشمالية والقريب من قريتها. وقفت مترددة فيما تختار بعد أن سألت الموظف عن كل قطعة حلوى اشتهتها... وفي النهاية اختارت ما يكفي نقودها المعدنية... لتشتري ما ارادت!
لحقت وراءها وسالتها إن ارادت أن اشتري لها حلوى اخرى أو أوصلها إلى منزلها... شكرتني بعزة وكرامة على رغم أنني أعلم انها محتاجة... كل ما قالته «مشكورة يا بتي!»، ثم صمتت قليلا وقالت «لا امل في هالبلد... ولا امد إيدي لاحد».
طبعاً هناك حالات كثيرة... لكن هذا الموقف اثر في نفسي كثيراً، إذ ينقل حالة من الحالات التي توجد في واقعنا، ولا أتوقع أن معجزة من السماء قد تحل ظروف أهل بلدي من الكبير إلى الصغير... ولكن أتوقع أن تعاد قراءة الأوضاع من جديد عبر ترتيب أجندة الأولويات، وهي مسئولية تقع على الجميع بلا استثناء لأنها نتيجة لسياسات الماضي الخاطئة...
وهو ما يعبر ان هناك فقراً مدقعاً يتفشى في غالبية المناطق والقرى في البلاد التي تعاني من نقص الخدمات وتنتشر البطالة بين افرادها
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 785 - الجمعة 29 أكتوبر 2004م الموافق 15 رمضان 1425هـ