تعاني البحرين صعوبة في جلب الاستثمارات المباشرة إلى البلاد الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة للسياسات موضع التنفيذ لغرض كشف مواطن الضعف وبالتالي وضع الحلول الكفيلة لتدفق أموال من الخارج. يعود طرح الموضوع إلى نشر تقرير الاستثمار العالمي المنبثق عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) للعام 2003 والذي كشف عن وجود خلل فيما يخص تدفق الاستثمارات من وإلى البحرين.
بداية يشير تقرير (أونكتاد) إلى ارتفاع حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البحرين من 217 مليون دولار في العام 2002 إلى 517 مليون دولار في العام 2003. ويمثل هذا الارتفاع زيادة قدرها 138 في المئة في سنة واحدة الأمر الذي يشكل إنجازاً. بيد أن الصورة تتغير بملاحظة أن حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الخارج ارتفع من 190 مليون دولار في العام 2002 إلى 741 مليون دولار في العام 2003. ويمثل هذا الارتفاع زيادة قدرها 290 في المئة في غضون سنة واحدة. وبالتالي كان هناك صاف سلبي للاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام الماضي.
بناءً على النتائج السلبية للعام الماضي حدث تراجع في مستوى إجمالي التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة من وإلى البحرين. تحديداً يشير تقرير (أونكتاد) إلى أن البحرين نجحت في استقطاب 6700 مليون دولار في الفترة ما بين 1980 و2003. من جهة أخرى بلغت قيمة التدفقات الاستثمارية إلى الخارج 2899 مليون دولار في الفترة نفسها. وعلى هذا الأساس حدث تراجع في صافي التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة من 4045 مليون دولار في العام 2002 إلى 3821 مليون دولار في العام 2003.
وفي هذه العجالة لابد من طرح بعض النقاط للمناقشة. أولاً: يعتبر جلب الاستثمارات من الخارج مسألة حيوية للاقتصاد البحريني بالنسبة إلى إيجاد وظائف جديدة وبالتالي المساهمة في القضاء على ظاهرة البطالة في البحرين. للتذكير يشير تقرير ماكينزي بشأن إصلاح سوق العمل إلى أن عدد العاطلين من المواطنين بلغ نحو 20 ألفاً في العام 2002 ويخشى أن يرتفع الرقم إلى 70 ألفاً في العام 2003 في حال استمرار العمل بالسياسات الاقتصادية الحالية.
ثانياً: يعتقد فريق العمل بمؤسسة ماكينزي أن السببين الرئيسيين لاختيار المستثمرين للاستثمار في البحرين يتمثلان في إمكان الدخول إلى الأسواق الإقليمية ووجود الحوافز المغرية (لاحظ هنا نجاح إمارة دبي في توفير فرص الوصول لأسواق المنطقة عن طريق ميناء راشد ومطار دبي ومنطقة جبل علي لتجميع السلع).
ثالثاً: المطلوب من مجلس التنمية الاقتصادية دراسة السبل الكفيلة بجلب الاستثمارات الأجنبية. يذكر أن مجلس التنمية حدد 6 قطاعات وهي السياحة والرعاية الصحية وخدمات الأعمال والاتصالات وتقنية المعلومات فضلاً عن الصناعات التحويلية لجلب ما قيمته 800 مليون دولار سنوياً من الاستثمارات الأجنبية. حقيقة لابد أن يكون بمقدور المجلس جلب جزء من الثروات العربية الموجودة في الخارج والتابعة إلى الأفراد والمؤسسات. استنادا إلى مجلة «ميد» المتخصصة في اقتصادات دول الشرق الأوسط يبلغ حجم الثروة العربية المستثمرة خارج الوطن العربي ما بين 800 مليار دولار كحد أدنى و2000 ألف مليار (2 تريليون دولار) كحد أعلى.
الأمل كبير في أن تنجح السلطات في تذليل الصعاب أمام المستثمرين وخصوصاً محاربة الفساد الإداري وذلك في ظل تراجع مركز البحرين في مؤشر «مدركات الفساد» الصادر عن منظمة الشفافية الدولية من المرتبة 27 على مستوى العالم في العام الماضي إلى المرتبة رقم 34 في العام الجاري
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 785 - الجمعة 29 أكتوبر 2004م الموافق 15 رمضان 1425هـ