هنيئا لنا بمجلس النواب وهو يمارس دوره في قمع الحريات السياسية بدل الدفاع عنها، ويبدو أن وزارة الداخلية أكثر تحضرا منه في التعاطي مع المسيرات السلمية، والأدهى من ذلك: أن بعض نوابه أرادوا محاسبة وزارة الداخلية لعدم قيامها بدورها في «قمع المسيرات»، فعلى رغم استمرار المسيرات المتضامنة مع الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة، فلم تعمد وزارة الداخلية إلى قمعها بل حتى إلى الاقتراب منها، وكانت تنسق مع اللجنة القائمة عليها من دون أن تتدخل حتى في الشعارات، بل وتدعو المنظمين إلى الوزارة للتشاور معهم بشأن المسيرة.
والسؤال: ما الذي يريد أن يوصلنا إليه مجلس النواب؟ وهل نوابه حقا ممثلون للشعب وهم يستثيرون المواجع بالتأليب المستمر على أبناء طائفة معينة؟ فبعض النواب يروق لهم أن يعيدوا نَفَسَ قانون أمن الدولة بإرهاب الناس من خلال مساحة التعبير التي أعطيت لهم كـ «ظاهرة صوتية»، بعدما فقدوا دورهم واستقلالهم كمشرعين ومراقبين لأداء السلطة التنفيذية، وليس ببعيد على هذا النَفَس إصدار القوانين المقيدة للحريات، على غرار «قانون الجمعيات السياسية»، وبعض القوانين التي تعزز الصراع الطائفي، فمع قبول المجلس بأداء هذا الدور في ظل عجزه التشريعي والرقابي، فإن الحصيلة لن تساوي صفرا فقط، وإنما ستتراجع إلى ما دون الصفر، لأنه لن يكتفي بنتيجة الصفر في ظل تمتع أعضائه بامتيازات مادية حرم أبناء الشعب منها، وإنما سيكتم على أنفاس الناس بتضييقه على حرياتهم في التعبير عن هذا الحرمان.
هذا المجلس أيضا فاقد للاستقلالية بانجراره وراء تصريحات غير رسمية قامت عليها جهات منتفعة من أجواء التوتر بين المعارضة والسلطة بشأن زعم لقاء السفير البريطاني الجمعيات الأربع، ما يعني أنه يستغبي حتى الرأي العام الذي كشف كذب هذه المزاعم، ويمارس التمثيل للسلطة وما دونها، بدل تمثيل الناس
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 784 - الخميس 28 أكتوبر 2004م الموافق 14 رمضان 1425هـ