نشرت لجنة التحقيق المستقلة في الادعاءات بالفساد في مسألة ادارة برنامج «النفط مقابل الغذاء» التابع للامم المتحدة في العراق لائحة كاملة بالشركات الـ 4734 التي شاركت في هذا البرنامج. وجاء في التقرير أنه في اطار هذا البرنامج الذي استمر من ديسمبر/ كانون الأول 1996 إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2003، اشترت 248 شركة من جنسيات مختلفة نفطا عراقيا بموجب عقود وصلت قيمتها إلى 64,2 مليار دولار، وأضاف أن 3545 شركة صدرت سلعا إلى جنوب ووسط العراق بما قيمته 32,9 مليار دولار، وأن 941 شركة أخرى صدرت إلى شمال البلاد بما قيمته 6,1 مليارات دولار. يشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان خصص مبلغ ثلاثين مليون دولار من الأموال العراقية المجمدة للتحقيق في المخالفات التي قيل إنها حدثت بسبب سوء تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للمنظمة الدولية. وبحسب مسئولين عراقيين وبعض وسائل الاعلام الأميركية وخصوصاً المحافظة منها، فإن نحو 270 سياسيا من 22 بلدا، وثلاثة مسئولين على الأقل من الامم المتحدة، بينهم مدير البرنامج بينون سيفان، ضالعون في الفضيحة. ربما شاءت الصدف وحدها أن يعرف العراق ما عرفه كي تتشكل لجنة تكشف أوجه الفساد المحيطة بأموال النفط، لكن العراق ليس الدولة العربية الوحيدة المصدرة للنفط، فهناك بالإضافة إلى العراق ست دول عربية أعضاء في الأوبك... جميعها تتلقى مئات المليارات من الدولارات لقاء تصدير النفط، لكن لم توضع بعد تحت المجهر كي يتعرف المواطن العربي على معلومات حقيقية عن أوجه إنفاقها. وإذا تجاوز هذا المواطن العربي بعض مظاهر البذخ الفردية - وهي ليست قليلة - فسنجد انفسنا امام قائمة طويلة من أوجه الصرف التي تفوح منها روائح الفساد التي هي بحاجة إلى أكثر من لجنة كتلك التي شكلها عنان ويرأسها بول فولكير كي يطلع المواطن على حقيقة ما يدور فيها.
تكفي الإشارة إلى صفقات السلاح غير المبررة التي عقدتها الكثير من الدول النفطية التي تجاوزت أقيامها الإجمالية آلاف المليارات من الدولارات خلا ل العشرين سنة الماضية والتي أنفقت إما على أسلحة غير حديثة اشتريت بأسعار خرافية، وإما على أسلحة حديثة لم تكن جيوش تلك الدول قادرة على استعمالها، وعندما وصل مستواها التقني إلى القدرة على استعمالها، كانت قد أصبحت قديمة.
وليست الأسلحة سوى أحد الأمثلة، فهناك مصافي النفط ومشروعات توسعتها، وهناك المشتريات الحكومية ومدى الحاجة إليها، وهناك مصاريف الشركات الاستشارية ومدى صحة المنهج الذي تتبعه في جمع المعلومات وطرق تحليلها والنتائج التي تتوصل إليها... القائمة طويلة وآخر ما نتمناه أن تعيش دولة عربية أخرى ما عاشه العراق كي نعرف الحقيقة، لكن ذلك لا يمنع أن نتمنى أن يمن الله علينا بلجنة كلجنة بول فولكير بغض النظر عن رأينا في فولكير ولجنته وظروف تشكيلها
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 783 - الأربعاء 27 أكتوبر 2004م الموافق 13 رمضان 1425هـ