استعرض الرئيس الفخري لنادي العروبة تقي البحارنة ذكرياته الوطنية في الثلاثينات والخمسينات مركزا على ما حققته هيئة الاتحاد الوطني واتحاد العمل البحراني من مكاسب حينها منها توحيد صفوف الشعب، وقانون الصحافة الذي ضمن حريتها، ونقابة العمال وقانون العمل.
واعتبر البحارنة الذي استضافته جمعية العمل الوطني الديمقراطي مساء الأثنين الماضي الهيئة «أول حزب سياسي تعترف به السلطات في المنطقة»، لافتا إلى السماح بالعمل السياسي العلني في العام 1956م، إذ كان الإعلان يقول: لكل 20 شخصا أن يؤلفوا حزبا سياسيا للمطالبة بالإصلاحات.
ومن بين ما سرده البحارنة من ذكرياته الوطنية قال: «في العام 1954 انطلقت شعارات تطالب بمجلس تشريعي، وأتذكر كيف كان الشباب في موكب عزاء مأتم مدن في المنامة يرددون الهتاف (مجلس تشريعي لازم نحصله... سني لو شيعي لازم نحصله)».
مضيفا «المتأمل يقف كثيرا أمام معرفة كيفية استجابة السلطات إلى هذه المطالبة، في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا لا تريد أن ترى زعامات وطنية داخل البلد ولا أية مجالس تنتقد الشيخ (الأمير) فهي تريده كما تشاء وكما تريد لا كما يريده الناس».
ويبدو أن هاجس ارتباط الحركات الوطنية بالخارج كان ملازما للسلطات منذ ذلك الوقت، إذ قال البحارنة «كان البريطانيون والسلطات يخشون من أن يكون للحركة الوطنية أي اتصال بالخارج كالحركة الناصرية في مصر».
كما رأى أن الحركات الوطنية ساهمت في حشد التأييد لقضية البحرين في الخارج، قائلا «هذا الشعب الصغير في العالم استطاع أن يظهر التحقير لرئيس وزراء بريطانيا عند عدوانها على مصر، وكانت الصحف البريطانية تستهزئ من ريغن بسبب ذلك».
وفي استعراضه لبعض ما جاء في كتاب ذكريات عبدالرحمن الباكر (أبرز مؤسسي هيئة الاتحاد الوطني) لم يوافق على ما ذهب إليه الباكر عن حركة العام 1938 حين وصفها بأنها تسعى إلى «مصالح شخصية»، قائلا «إنه استنتاج مبالغ فيه».
وذكر البحارنة أن «حركة 38» لم تحصل على المجلس الذي طالبت به، فيما حصلت الكويت على مجلس استمر ثلاثة شهور، وكذلك أنشئ مجلس مشابه في الإمارات.
معتبرا كتاب الباكر ذا قيمة كبيرة اليوم ولعله المصدر الوحيد لهذه الحوادث، مردفا قوله «إن الباكر أصدر أحكاما قاسية عامة، إذ حكم على كل من الإيرانيين والشيوعيين والاخوان المسلمين من دون أن يستثني أحدا منهم».
وذكر أن الشملان أيضا كانت له محاولات لكتابة مذكراته، إلا أنه وبسبب المرض سلَّم كل شيء لخالد البسام حتى يقوم بتوثيقه.
ومجد البحارنة فترة هيئة الاتحاد الوطني إذ قال «لم توجد فترة مر بها شعب البحرين متحدا يخلص فيه البعض للآخر وتصبح فيه الخلافات مجرد قشور كفترة هيئة الاتحاد الوطني، فالهيئة لم تكن مجرد حزب أو اتحاد سياسي بل إن كل مواطن كان يعيش الهيئة يوميا خلال عامين (عمرها)، وكان الناس حاضرين دائما وينتظرون قرارات الهيئة لتنفيذها، تماما كأهمية انتظارهم لقرار العلماء في مسجد مؤمن في المنامة عن رؤية الهلال!».
وأشاد بالدور الذي لعبته «صوت البحرين» إذ قال «كنا في اللجنة الثقافية بنادي العروبة نطالب بإصدار مجلة، فاغتنم الباكر وحسن الجشي وعلي التاجر إلى جنب دعم علي سيار وإبراهيم كمال إصدار «صوت البحرين»، وكان لها دور كبير في نشر الوعي والتفاعل مع القضايا العربية المختلفة منها: قضايا العمال في السعودية وحلف بغداد والثورة المصرية».
مضيفا «وفي العام 1953 - وكنت مسافرا إلى لبنان - حدثت حوادث مؤسفة في البحرين في شهر محرم وأثارت الشيعة لما حدث فيها من تعد كبير عليهم، ثم أخذت الحوادث في التطور، فارتفعت مطالب آحادية تطالب بالقصاص ممن افتعل هذه الحوادث، كما مرت في هذه الفترة حوادث عمالية وحادث جزئي عرف بـ «ردم الكوري» وهو عبارة عن مجموعة من الجذوع التي وضعها شخص من قرية الكورة لتمر عليها «الكواري» والسيارات، وقد انتقدت حينها انشغال الناس في مطلب صغير كهذا في الوقت الذي ينبغي فيه أن نطالب بمجلس تشريعي».
وتحدث البحارنة عن إنشاء صندوق التعويضات التعاوني، وهو عبارة عن شركة تأمين سيارات، قائلا «جاء ذلك بعد أن سن المستشار قانون التأمين الثالث الذي يطلب دفع 650 روبية على السيارة، وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الوقت، فطلب المستشار شريطة الموافقة على طلب إشهار الصندوق إيداع 50 ألف روبية في المصرف، ولعب خليل المؤيد هذا الدور ودفع المبلغ. بعدها تم وضع قانون الصندوق في نادي العروبة، إذ اتفق على أن يمد المشاركين بالأرباح ليستفيد منها سواق السيارات، كما اشتمل على إمكان إعطاء القروض الشخصية للتعليم والعلاج وغيرها»
العدد 783 - الأربعاء 27 أكتوبر 2004م الموافق 13 رمضان 1425هـ