أكد الباحث الإسلامي والقاضي المستقيل علي العريبي أن ظاهرة التطرف ليست حكرا على الحركات الإسلامية «بل هي ظاهرة موجودة بنسب متفاوتة في غالبية الحركات السياسية في العالم». موضحا أن العالم الغربي «ليس بريئا من ظاهرة التطرف وحوادث القرن العشرين خير شاهد عن ذلك، سواء على مستوى التطرف الذي مارسه الغربيون مع بعضهم البعض أو مع الشعوب الأخرى». وليس ثمة أدل على ذلك من سقوط ملايين الضحايا بفعل تطرف الغربيين».
وقال العريبي - خلال محاضرته عن «الحركات الإسلامية والتطرف» في مجلس الشيخ الجمري مساء أمس الأول - إن الحديث عن التطرف في سلوك بعض الحركات الإسلامية يجب ألا ينساق وراء طرق أعداء الإسلام في وصمهم لكل الحركات الإسلامية بمفردات التطرف والعنف والإرهاب».
ويضيف العريبي: «إنما يكمن الحل في محاولة معالجة هذه الظاهرة بموضوعية ومن دون تطرف مقابل أيضا».
وعرّف العريبي التطرف لغة بأنه «الوقوف على الطرف، أو بعبارة أخرى والابتعاد عن نقطة الوسط (خلاف الوسطية)» منوها أن الشريعة الإسلامية تعرض التطرف، لأنها دين الوسيطة، مستشهدا بقوله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا». (البقرة: 143).
ولا تتحقق الشهادة - يضيف العريبي - إلا حينما تمارس الأمة دورها في الوسطية التي تعني العدالة والصراط المستقيم، والشريعة السمحاء حافلة بالأحاديث والروايات التي تدعو إلى الوسطية وتنبذ التطرف والغلو، كقول الحديث المأثور: «اليمين والشمال مظلة، وعليكم بالطريق الوسطى فإنها الجادة». فالوسطية من أهم خصائص الدين الإسلامي.
وأشار الشيخ علي العريبي إلى أن التطرف «له أسبابه وأشكاله ومخاطره وله نمط من العلاج أيضا». وفي سياق عده لسلبيات الظاهرة أوضح العريبي أن من أبرز سلبيات التطرف أنه يضيع حقوق الآخرين» فحينما يتطرف المرء قد يجور على نفسه وقد يتعدى ذلك الجور إلى غيره وهنا مكمن الخطورة، فالتطرف في العبادة مثلا قد يصل بالعابد أن ينزوي ويترك أهله و زوجته، فيتجاوز هذا التشدد حالته ليدخل ضمن الدائرة التي لا تخصه على مستوى الحقوق الاجتماعية».
ونوه العريبي إلى أن التطرف كذلك لا يمكنه أن يساهم في خلق نهضة تنموية في المجتمع، لأنه يأتي قصير الأمد، ويأتي في العادة استجابة لفعل ما وبانتهائه تنتهي ردة الفعل تلك».
وعرج العريبي على واقع الحركات الإسلامية قائلا: «من الواضح أن بعض الحركات والرموز الإسلامية - لسبب أو لآخر -اتخذوا من العنف والتطرف منهجا وسلوكا بعض الحركات غيرت مسارها ولكن بعد خراب البصرة، فكان حري بها أن تبدأ بداية مستقيمة بدلا من أن تدفع فاتورة لا تستطيع دفعها».
وأشار العريبي إلى أن بعض الحركات الإسلامية كانت ضحية لحكوماتها من جانب وللقوى الاستكبارية من جانب آخر، مما ولد لديها حالاً من الإحباط والرغبة في رد الصاع بصاعين». داعيا إلى مواجهة التطرف بالشجاعة والحكمة وليس بمزيد من التطرف
العدد 783 - الأربعاء 27 أكتوبر 2004م الموافق 13 رمضان 1425هـ