ارتفع سعر برميل النفط بشكل جنوني والاسعار للمواد الاستهلاكية في البحرين مازالت على ما هي عليه... الناس لا تبحث عن ازمة ولا تفتعل مؤامرة ولكنها تبحث عن خبز وهذا حقها لكنها للأسف الشديد احيانا لا تعرف كيف تؤكل الكتف فتتلهى بالعظم.
يجب أن نعرف حقيقة معرفية أن زمن السلم يحتاج إلى ثقافة اخرى حتى ننجح ملفاته... مرحلة السلم لا تحتاج صراخاً ولا مكرفونات، وانما تحتاج إلى خطاب خاص وإلى مشروعات خاصة تستثمر المواد الحقوقية والقانونية فتطالب بتحقيقها بضغط سلمي بمشاركة في كل شيء وان تفعل كل مؤسسات المجتمع المدني البرلمان، الاتحاد العمالي (وعلى ذكر الاتحاد هناك محاولات لاضعافه)، النقابات، الصحافة، الجمعيات... كلها مواقع شرعية بإمكاننا ان نستثمرها للضغط... للحصول على ربطات الخبز. ازمة البحرين هي ازمة نظام الامتيازات ونظام المصالح المتجذر في بعض وزاراتنا فالوزارات لا تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص بقدر ما تقوم على مبدأ النسب والثقة والمصالح الشخصية المشتركة، وعلى الحكومة ان تعيد النظر في سياستها في قضايا التعيين بالنسبة إلى المناصب الكبرى، سواء على مستوى التعيين الوزاري أو الوكلاء أو الوكلاء المساعدين او على مستوى المديرين العامين او المديرين او رؤساء الاقسام... الخ ان الوزير الفاشل لا يمكن ان يصبح قوياً أو رجلاً ادارياً قوياً بقرار حكومي تماما مثل الفنان والشاعر وحتى الصحافي. فالصحافي لا يمكن ان يصبح صحافياً بقرار حكومي وكذلك بقية التخصصات. الكفاءات البحرينية موجودة في كل مكان ولدى كل الاطياف السياسية والاجتماعية في البحرين وخير دليل على ذلك ما لاحظناه من خسائر وفضائح على عدة مستويات وفي أكثر من مؤسسة... انظر الى الواقع الذي وصلت إليه إدارة الاوقاف الجعفرية... انظر إلى ما وصلت اليه هيئتا التأمين والتقاعد... انظر إلى ما وصلت إليه وزارة الكهرباء ولكي تتيقنوا ابحثوا عن التقارير الرسمية الصادرة عن ديوان الرقابة في بعض هذه المؤسسات، (الكهرباء والاوقاف) مثال على ذلك.
كثير من التعيينات لا تقوم على التخصص تماما مثل: متخصص ميكانيكي تريده ان يفتح مخ مريض بأداة سيارة. بعض المسئولين الله يسامحهم حولوا مؤسساتهم إلى مزرعة خاصة البنت والولد والوالد وأولاد الولد والاخوات كلهم وظفوا في المؤسسة... مو مشكلة ربما نقبل بهذا الشيء ولكن السؤال: اين هي الكفاءة؟ إذاً الكفاءة في الاختيار مسألة مهمة والا تعاظمت المشكلات والأزمات، اضافة إلى ذلك ظاهرة التمييز فهي في حال ازدياد وبشكل جنوني، ودس الرأس في الرمال لن يخدم المواطنة وبدأنا الآن ولله الحمد نلحظ بعض الوطنيين الغيارى من دعاة الانصاف يدعون الى تأسيس ثقافة المواطنة الصادقة القائمة على الولاء للوطن وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص في الوزارات بعيداً عن الايديولوجية والنزعات الاخرى، وهنا نهيب بهذا الصوت وندعمه. كوطن يجب ان توزع كعكة المناصب الكبيرة وفق معايير علمية وعبر لجان متوازنة يشرف عليها المسئول الأول في الوزارة. أقول ذلك حبا في الوطن ولسلامة البنية الوطنية، ففي كل مجتمع وفي كل قوم أشرار وأخيار ولا تفاضل في ذلك وغض الطرف وتحريك صغار القوم للتشويش لن يزيل الورم ولن يلغي الاشكالية او الازمة بل سيعززها ويكون كل هذا الضجيج قرينة اضافية تشير إلى وجود ازمة حقيقية في ذلك تماما على طريقة «يكاد المريب ان يقول خذوني». الاوطان تبنى بالشراكة، بتذويب الفوارق، بدعم الطاقات، بالقضاء على النزاعات المذهبية او المناطقية يجب ان احتضن المواطن وان كان مسيحيا لأن الجهاز الآلي الذي يعمل عليه لن يسأله عن انتمائه الايديولوجي اذا عطب. اعتقد ان الحكومة بإمكانها وفي يدها أن تضغط باتجاه تحسين الوضع الوظيفي والاصلاح الاداري والمالي في كل الوزارات، بمعنى تستطيع ان تحد من ذلك بمراقبة وضع الكفاءات وهي معنية بتوزيع المناصب. ما ادعو إليه هو اعطاء الفرص الكبيرة إلى كل المواطنين مهما كانت أيديولوجياتهم او اعراقهم وفق معايير وطنية ودولية علمية اختصرها في نقطتين:
1- الكفاءة العلمية.
2- الولاء الوطني. فهل بعد ذلك يختلف في هذين المعيارين اثنان؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 782 - الثلثاء 26 أكتوبر 2004م الموافق 12 رمضان 1425هـ