العدد 2381 - الجمعة 13 مارس 2009م الموافق 16 ربيع الاول 1430هـ

«باربي» في ميلادها الخمسين... تسعى للكمال

تستقطب أضواء «أسبوع الموضة» في نيويورك

الرغبة في الكمال والجمال الفتان الذي لا يشوبه عيب، والسعي للنجومية والتألق والشهرة، باتت مطلب الكثيرات في العالم من دون استثناء مكان أو بلد، والإعلام والمشاهير من مختلف الأدوار لعبوا دورا أساسيا في هذه الرغبة التي تتفشى ما بين الجميع صغارا في السن كانوا أو كبارا بلغ بهم العمر ما بلغ، وحتى الدمى تناشد المواصفات التي تجعل منها أنموذجا عالمية يحتذى به من قبل الأجيال التي تقتنيها. ولعل الدمية «باربي» من أشهر الأسماء في هذا المجال، فهي التي حققت مبيعات وصلت إلى 300 ألف دمية في عام انطلاقها فقط، سنة 1959، ووصلت حاليا إلى ما يزيد على مليار دمية مباعة على مدار أعوامها، وتعتبر من أهم رموز دمى الفتيات المراهقات ورمزا ترويجيا تجاري للكثير من الموضات والصرعات خلال السنوات الماضية.

إلا أنه يشاع أخيرا أن الدمية الشهيرة «باربي» تعاني من أزمة منتصف العمر، فالدمية التي بلغت الخمسين من عمرها هذا الشهر، التي احتفل بعيد ميلادها بحفل كبير في عدة أماكن من العالم، لعل أبرزها ذلك الذي أقيم لها ضمن فعاليات «أسبوع الموضة» في نيويورك، سجلت تراجعا في مبيعاتها بنسبة 21 في المئة العام 2008، أمام تقدم الشابة الجديدة الدمية «براتز» التي تمتلك مقومات مثيرة أكثر من «باربي»، التي اعتبرت ثورة في عالم ألعاب المراهقات قبل نصف قرن من وقتنا الحاضر.

ولعل «باربي» التي لا يزيد طولها على 29 سنتيمترا، لم تكن مجرد دمية بلاستيكية تمتلك مواصفات أنثوية جمالية مثيرة، وتحاكي الكمال في هيئتها العامة، فالسيقان الطويلة والخصر النحيل والشعر الأشقر المنسدل على الكتفين، لم تكن بالنسبة إلى جيل من البنات حول العالم مجرد مواصفات للعبة، فـ «باربي» هذه كانت (بشكل ما) أحد أسس موجة موضة عمليات التجميل التي تجتاح الكثير من الدول، فهي التي توصف بالكمال، اتهمها الكثير من الباحثين في علم الاجتماع بأنها كانت أحد أسباب تزايد حالات مرض فقد الشهية، ورغبة الفتيات الصغيرات خصوصا، في النحول وفقد الوزن بشكل كبير، كما أنها متهمة أيضا بأنها تحجم المرأة بصفات سطحية لا تتعدى الشكل والمظهر وحب التملك لبعض الأشياء والكماليات كالإكسسوارات التي تعزز نزعات الاستهلاك لدى الفتيات الصغيرات.

وعزز ذلك ظهور عدة حالات شهيرة، بعضها في دول عربية وإسلامية، لفتيات يجرين من عمليات التجميل ما لا يعد ولا يحصى ليحصلن على هيئتها، حتى أن بعضهن وصلن إلى الإدمان على عمليات التجميل والتغيير، التي قد تبدأ بصبغة صفراء ذهبية تغير هيئة شعورهن وقد لا تنتهي بعمليات جراحية كبرى أخرى تغير هيئتهن بالكامل.

في مقابل هذه السلبيات، «باربي» الأنيقة المتألقة دائما، خاضت وتمثلت أكثر من 100 مهنة من بينها الطبيبة والمهندسة والإعلامية، وحتى المنخرطة في صفوف الجيش، فـ «البنتاغون» في أميركا صادق على زيها العسكري قبل عشرين سنة من اليوم. كما أنها كانت وحيا للكثير من المصممين العالميين، الكبار منهم والمغمورون، ممن اعتبروها خير وسيلة للترويج للكثير من الموضات الجديدة التي ظهرت على ساحة الأزياء والإكسسوارات، ولعل أكبر دليل على هذا أن أسماء كبيرة في عالم الموضة عرضت مع بدء الاحتفال بربيعها الخمسين أن تصمم ملابس خاصة بها سيصل ثمن بعضها إلى ما يزيد على عدة آلاف دولار أميركي.

ولم تستثمر «باربي» فقط من قبل المختصين في مجال الأزياء، فحتى شركات السيارات استثمرت الدمية الجذابة لتقدم مع ملحقاتها سيارات تحمل شعارات ماركات عالمية.

والمضحك في هذا الموضوع أن «باربي» التي تعاني اليوم من المنافسة من قبل لعبة ملابسها أكثر عريا وهيئتها توحي بهيئة الوجوه التي خضعت لعمليات التجميل من شفاه منفوخة وجفون مرفوعة وقصات غريبة، لا تخوض محنتها الأولى بتراجع مبيعاتها، فهي عانت قبل سنوات من قضية طلاقها من «كين»، شريكها وصديقها الذي تم ابتكاره ليرافقها في شهرتها العالمية، ولاقت حينها قضية طلاقها تغطية إعلامية كبيرة في الإعلام الأميركي.

وسواء كانت «باربي» الأميركية أو نظيرتها «ساندي» البريطانية، أو حتى «سارة» أو «فلة» التي تشتهر بارتدائها الزي الإسلامي، فإنها جميعا لعب بلاستيكية صنعت في الصين، وهجنت من خلال بعض الملابس والكماليات لتندمج مع السائد في المجتمع الذي تصل إليه، وجميعها بكل أشكالها نماذج تبحث عن مقاييس جمال قد لا تكون واقعية على أجساد البشر.

العدد 2381 - الجمعة 13 مارس 2009م الموافق 16 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً