«الانقلاب الأبيض» هو ما أعلنه ولي العهد في ورشة الثالث والعشرين من الشهر الماضي، انقلاب على السائد والجامد والغائر في صلب الجسد البحريني من ممارسات تمنح القادرين على بلوغ ما يطمحون إليه من تعظيم المكاسب... حتى لو كان أبناء جلدتهم هم المتضرر الأكبر من عملية إغراق السوق المحلية بالعمالة السائبة والرخيصة التي تتكفل بالقيام بكل الأعمال، وإن عزّت الأعمال المشروعة اتجهت إلى غير المشروعة لأنها مطالبة من «المعزّب» بمبلغ معلوم في آخر الشهر.

حتى لو أخرجت العمالة الوافدة أكثر من مليار وثلاثمئة مليون دولار (490,7 مليون دينار) على هيئة تحويلات إلى بلدانها سنوياً، وتحرم البحرين من هذه الأموال التي من المفترض أن تدور فيها. حتى لو تآكل متوسط راتب المواطن حتى لا يعود في المستقبل قادراً على شراء أي شيء إلا ببيع نفسه. حتى لو اصطف العاطلون وتضاعفوا من آلاف مختلف على حجمها الآن إلى عشرات الآلاف بعد سنوات ليست بعيدة وشكلوا جيشاَ جراراً يسد عين الشمس وليس لديه ما يخسره، فيكون مستعداً لهدم المعبد على من فيه، ويكون أداة في يد المتطرفين أياً كان أساسهم ومنطلقهم، وبالتالي تعاد الأسطوانة نفسها وتتم معالجة القشور والظواهر وتظل جذور المشكلة لا أحد يجرؤ على المساس بها لتفرخ مشكلات أخرى كالتي حدثت قبل عشر سنين.

ففيما يناقش الحريصون على المشروع إمكان تجفيف ينابيع المتنفذين لئلا يعبثوا بالمشروع ويميّعوه؛ يتسابق المتنفذون إلى محاولة هدم المشروع من أصله حتى يصفو لهم الجو لمزيد من التغريد. يقف إصلاح السوق في منتصف الطريق، شاغبت عليه إلى حين طنطنات إعلامية وطبولٌ تعبت أيدي ضاربيها... اليوم يصطف الفريقان في مواجهة بعضهما بعضاً، أحدهما يريد إبقاء الحال على ما هي عليه، والآخر يريد تغيير الحال طمعاً في المستقبل، فهل سيكفي مجرد «انقلاب أبيض» ليمرّ المشروع؟