العدد 781 - الإثنين 25 أكتوبر 2004م الموافق 11 رمضان 1425هـ

نظرة استراتيجية على البحرين والمنطقة العربية

«الغتم ونعمان جلال» في كتابهما الجديد

الوسط - محرر الشئون الثقافية 

تحديث: 12 مايو 2017

يوضح المؤلفان محمد جاسم الغتم ومحمد نعمان جلال في مقدمة كتابهما «التغيرات والتطورات على الساحة الدولية خلال العامين 2003 - 2004» بقولهما لقد شهد العام 2003 - 2004 تطورات بالغة الأهمية انعكست آثارها على العالم بوجه عام وعلى المنطقة العربية بوجه خاص. ولعلّ في مقدمة تلك التطورات انعقاد ثلاثة مؤتمرات مهمة سعت لتشكيل مستقبل الشرق الأوسط وهي مؤتمر القمة العربي في تونس والذي أمكن التئام صفوفه في مايو/ أيار الماضي العام 2004 بعد فشل محاولة الانعقاد الأولى في مارس/ آذار من العام نفسه، ثم مؤتمر القمة للدول الصناعية الثماني في جزيرة سي آيلاند بولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأميركية وأخيراً قمة حلف الأطلنطي في اسطنبول في نهاية يونيو/ حزيران العام 2004. إن هذه المؤتمرات سعت لتشكيل الحوادث والتطورات في العالم والشرق الأوسط بوجه خاص للاعتبارات الآتية:

الأول تمثل قمة الدول الثماني مركز التحكم الاقتصادي والسياسي في العالم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن هذا التجمع للدول الغنية والصناعية سعى للانفتاح على العالم بأسره والعالم العربي والإسلامي بوجه خاص. والثاني تمثل قمة دول حلف الأطلنطي مركز التحكم العسكري في العالم، وقد انعقدت تلك القمة في اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية صاحبة السيادة التاريخية في المنطقة العربية، والتي تعبرّ اليوم عن ديناميكية سياسية معينة قد تؤهلها لتصبح جسراً للترابط والتواصل بين الشرق والغرب، ومن ناحية أخرى فإن قمة الأطلنطي في اسطنبول طرحت مفهوماً جديداً للحلف واتجاهه للتوسع أو للقيام بدور في الشرق الأوسط. والثالث القمة العربية في تونس والتي كان في مقدمة أولوياتها أمران أولهما مشروعات تطوير العمل العربي المشترك وثانيهما مقترحات الإصلاح والتحديث في العالم العربي.

ومركز البحرين للدراسات والبحوث كمسبر للآراء والأفكار كان يتابع بدقة انعكاسات كل تلك التطورات على المنطقة العربية وما أدى إليه من تداعيات ومنها بروز ثلاث ظواهر هي رد فعل الشعب العراقي المتمثل في مقاومة الاحتلال. والثانية بروز الفكر الطائفي والأثني في العراق أما الظاهرة الثالثة فترتبط ببروز دور دول الجوار العراقي في الشرق والغرب والشمال والجنوب وما لديها من إمكانات في التأثير على مستقبل الأوضاع في العراق من ناحية، وفي الخطط الأميركية لمستقبل العراق والمنطقة العربية من ناحية أخرى.

ومن ذلك بروز تقلصات شديدة في المنطقة الخليجية بوجه خاص والعربية بوجه عام ونخص بالذكر حال دولتين مهمتين أولاهما المملكة العربية السعودية وما تتعرض له من موجة من الإرهاب والعنف والتطرف غير المسبوق، ولاشك أن مكانة وموقع وثقل المملكة العربية السعودية تجعل حوادثها وتطوراتها لها صدى كبيراً في منطقة الخليج العربي بأسره، والمنطقة العربية ككل. أما الدولة الثانية فهي السودان وهي بدورها تعيش حالاً من التقلصات والتوترات المتتالية، فما أن أمكن التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة السودانية وقوات التمرد في الجنوب بعد حرب أهلية طاحنة استمرت زهاء أربعين عاماً، حتى انطلق صراع جديد في غرب السودان في إقليم دارفور وهو صراع تقليدي بين القبائل، ولكنه تحول إلى صراع أكبر على مستوى الدولة.

وتتشابه السودان والسعودية في عدة أمور منها المساحة الضخمة لكلا الدولتين، عدد السكان المحدود مقارنة بمساحة الدولة وإمكاناتها، الإمكانات النفطية الكبيرة في السعودية، والاحتمالات النفطية المهمة في السودان، ضعف وتدني مستوى التطور الاجتماعي للدولة نتيجة قوة القبائل وعصبياتها، وكذلك دور الانقسامات الطائفية والدينية في المناطق المهمة من الدولة والتي تحتضن الثروات النفطية، استمرار المأزق الفلسطيني حيث الحلول السلمية المقترحة تتسم بما يمكن أن نطلق عليه حالات من المراوغة والتسويف والتلاعب بعنصر الوقت.

كما أن مساعي التسوية بين سورية و«إسرائيل» تعيش حال جمود وشكوك متبادلة، بروز قوى عربية نشطة في الدعوة للإصلاح السياسي والترويج للفكر الأميركي باعتباره المخرج الوحيد من أزمات النظام القومي العربي الذي اتسم بالعجز طوال الخمسين عاماً الماضية، والجمود السياسي والثقافي وبذلك أصبحت الدول العربية ككل غير قادرة على بناء نموذج عربي للإصلاح والتطوير ومن ثم فعليها الاستعانة بالفكر والممارسات الغربية وخصوصاً المؤسسات الأميركية، تدهور سمعة الولايات المتحدة بوجه خاص في المنطقة العربية نتيجة سياسات الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش وإدارته التي يسيطر عليها من يطلق عليهم المحافظون الجدد، وبروز فكرهم المناهض للإسلام من ناحية، والسعي للهيمنة من ناحية أخرى.

وإذا كان العالم المتقدم بقيادة الولايات المتحدة يسعى لوضع الخطط لمستقبل الشرق الأوسط، وإذا كان العالم العربي يسعى لتطوير ذاته بمنهج يعتمد على التطور التدريجي الذي يراعي حقائق التاريخ والثقافة ومراحل التطور السياسي، فإنه من المفيد أيضاً التعرف على فكر الدول النامية المهمة تجاه المنطقة والحوادث الدائرة فيها وحولها، ولهذا اهتممنا في هذا الكتاب بنظرة وتصورات عدد من الدول النامية والإسلامية ذات الحركية والديناميكية والتي لحركتها تأثير على منطقتنا العربية. ومن هنا فقد قدمنا في هذا الكتاب قراءات لفكر بعض الدول المهمة تجاه منطقتنا على اعتبار أن ذلك يعبّر عن مواقف الدول النامية أو الإسلامية ذات العلاقة الوثيقة بالمنطقة. في هذا الإطار كله يأتي الكتاب الثاني ليحمل العنوان نفسه «نظرة استراتيجية على مملكة البحرين والمنطقة العربية في إطار دولي» وليستكمل القراءة التي قدمناها في الكتاب الأول الصادر العام 2003.

ويضم الكتاب مقدمة وخمسة أبواب فضلاً عن عدد كبير من المراجع والملاحق التي هي وثائق بالغة الأهمية مرتبطة ببعض فصول الكتاب. والباب الأول من الكتاب بعنوان المنطقة العربية في مفترق الطرق يحلل التحديات الراهنة أمام المنطقة العربية مستخدماً مفهوم التحدي والاستجابة للعلامة والمؤرخ المشهور للقرن العشرين ارنولد توينبي، ثم يتناول بالتحليل العلمي قرار مجلس الأمن 1546 الخاص بالعراق في ضوء الظروف المحلية والإقليمية والدولية. أما الباب الثاني فيخصص للنظرة الاستراتيجية على مملكة البحرين خلال العامين 2003 - 2004 من حيث معالم تطورات سياستها الداخلية والخارجية ويقدم قراءة في المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدى حمد بن عيسى آل خليفة. والباب الثالث يحمل عنوان أميركا والشرق الأوسط اذ يحلل الاستراتيجية الأميركية في المنطقة عبر نظرياتها وتصوراتها المتعددة ثم يعرض لممارساتها في المنطقة.

والباب الرابع يتناول «المتغيرات الدولية ورد الفعل الإسلامي إزاءها» اذ يحلل الباحثان تلك المتغيرات من واقع كتابات وأبحاث المفكرين في العالم الغربي ومن واقع القراءة الدقيقة للسياسة الدولية في الربع الأخير من القرن العشرين مع تركيز على حوادث ما بعد 11 سبتمبر/ أيلول. أما الباب الخامس فقد حمل عنوان «الحوار مع القوى الآسيوية المهمة» وهنا يعرض المؤلفان للتحاور مع كل من الصين والهند واليابان وسنغافورة من خلال آراء وأفكار باحثين وأكاديميين من تلك الدول الصاعدة والمتقدمة المهمة.

وهذا هو الكتاب الثاني الذي يحمل العنوان نفسه اذ صدر الكتاب الأول في العام الماضي 2003 وثمة اختلافات بينهما تتمثل في أن الكتاب الأول أصغر حجماً وكان باكورة إنتاج المؤلفين وضم فصولاً تعبر عن تطور نشاط مركز البحرين للدراسات والبحوث من حيث إنشائه برنامجاً لحوار الحضارات بينما عكس الكتاب الثاني التغيرات على الساحة الدولية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً