العدد 780 - الأحد 24 أكتوبر 2004م الموافق 10 رمضان 1425هـ

انتهاك حقوق العمالة قد يعوق اتفاقات البحرين الدولية

مشاركون في منتدى «الوسط»:

حذر رسميون واقتصاديون من أن يعوق انتهاك حقوق العمالة، وخصوصاً الأجنبية منها، البحرين من إتمام اتفاقاتها الدولية وأهمها «اتفاق التجارة الحرة» الذي تأمل دخوله حيّز التنفيذ مطلع العام المقبل.

وقال عضو اللجنة التنفيذية في لجنة إصلاح سوق العمل أسامة العبسي خلال منتدى «الوسط» بشأن إصلاح سوق العمل: «إن البحرين وضعت على أسوأ درجة من درجات الاتجار في الأفراد بحسب تقارير الكونغرس الأميركي»، في الوقت الذي تخوف الاقتصادي جاسم حسين من أن الظروف الحالية قد تدفع الكونغرس إلى عدم التصديق.

وشكك المشاركون في الحلقة الثانية من المنتدى في القدرة على محاربة الفساد الذي لايزال واضحاً على رغم المضي في مشروع الإصلاح السياسي الشامل الذي انتهجته المملكة مع بدايات العقد الجاري. وأكد المشاركون أن «الجانب الاقتصادي من المشروع الإصلاحي تجب معالجته بشكل حاسم بالشفافية وإعادة هندسة الإجراءات في الوزارات المختلفة وإطلاق إصلاحات الإدارة العامة حتى تكون قادرة بدورها على تنفيذ الإصلاحات ومراقبة تنفيذها».


«إصلاح سوق العمل» في منتدى «الوسط» (2 - 3):

هاجس الفساد وعدم عدالة التطبيق يعوقان إجماع أطراف السوق على برنامج الإصلاح

الوسط - هناء بوحجي

في الحلقة الأولى ركز المشاركون على توصيف الوضع القائم في سوق العمل المحلية وعلى مبررات أهمية المشروع الإصلاحي في السوق التي لم يعد ترميمها مجديا، مؤكدين أهمية الانتقال من إدارة الأزمات إلى التخطيط الاستراتيجي وتحديد الرؤى المستقبلية.

وفي هذه الحلقة الثانية، بدت مقاومة القطاع ا لخاص لمشروع الإصلاح أكثر وضوحا، وشكك بعض المشاركين في القدرة على محاوطة الفساد، وفي عدالة تطبيق البرنامج في الوقت الذي أكد مؤيدو المشروع أهمية العدالة في التطبيق، محذرين من أن حدوث حال استثناء واحدة قد يؤدي إلى اخفاق المشروع بكامله. وتناول المشاركون أيضا التضخم المتوقع أن ينجم عن التطبيق وكيفية التعامل معه مع التركيز على ضرورة رفع الانتاجية.

وفيما يأتي نص حوارات المشاركين في منتدى «إصلاح سوق العمل»:

هل بإمكان الجهاز التنفيذي في البلد تطبيق المشروع مع مستويات الفساد الحالية؟ هل واضع المشروع بإمكانه ضمان وضبط ذلك؟ هناك استثمارات ضخمة خرجت من البحرين بسبب الفساد الإداري والمالي، هل سيتشكل مع المشروع جهاز رقابي قادر على السيطرة على جودة أدائه؟

- أسامة العبسي: نحن نتكلم عن الفساد على مستويين، مستوى سوق العمل ومستوى الاقتصاد ككل. المقترح ألا يستثنى أحد ولا حتى الحكومة، الحكومة كحكومة وليس كمتنفذين لابد من أن تخضع للمعايير نفسها التي يخضع لها القطاع الخاص.

- جاسم حسين: هل سيستثني وزارتي الداخلية والدفاع؟

- أسامة العبسي: سيشمل المدنيين في الداخلية والدفاع والحرس. عملية القضاء على الفساد وعلى وجود طبقتين من المتعاملين في سوق العمل بدأت مع المشروع الإصلاحي، الآن القانون لا يستثني لدينا أحداً. إدارة سوق العمل ستكون على مستوى أطراف سوق العمل الثلاثة وستكون هناك شراكة اجتماعية حقيقية، أنا اتفق مع عبدالله وكانو في أن السياسات التي فرضتها وزارة العمل في السابق لمعالجة الأعراض وليس لمعالجة للمرض، مثل فرض البحرنة، وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن، وصلنا الى مرحلة لا يفيد معها الترميم وإنما لابد من اعادة بناء البيت من جديد.

- خالد عبدالله: هناك فساد في سوق العمل، وظواهر مرضية تتعلق بالعمالة السائبة، تجارة البطاقات السكانية، من المهم وضع حد لها في ظل السياسات الجديدة، لو نفذ عامل واحد من الشروط سيكون خرقاً كبيراً لكل المشروع الذي نتحدث عنه، فالجانب الرقابي مهم جداً، فيما يتعلق بالفساد فأنا أعتقد أن هذه المشكلة موجودة حتى بعد اطلاق الميثاق والمشروع الإصلاحي، إذ يقدر البعض حجم الاستثمارات التي جاءت إلى البحرين ورجعت 6 مليارات دولار كان يؤمل أن تخلق 50 ألف وظيفة، هذه الاستثمارات خسرتها البحرين بسبب البنية التحتية الضعيفة كما رأينا في قطاع الكهرباء والماء، الأراضي المتوافرة، في النظام الإداري إلى جانب الفساد الذي يشكل عبئاً على المستثمر الخاص سواء من الداخل أو من الخارج، هذا الجانب من المشروع الإصلاحي تجب معالجته بشكل حاسم بالشفافية وعن طريق اعادة هندسة الإجراءات في الوزارات المختلفة، اطلاق إصلاحات الإدارة العامة حتى تكون قادرة بدورها على تنفيذ الإصلاحات ومراقبة تنفيذها.

- خالد كانو: لا أعرف لم يلق كل شيء على القطاع الخاص، الذي يجب أن يدفع 1200 دينار، فأين القطاع العام الذي يوظف بقدر ما يريد ولا عوائق أمامه، أما القطاع الخاص فيصعب عليه جلب العمالة ويحتاج إلى استجداء المسئولين، أما القطاع العام فيفعل ما يريد، لا أحد يسأله.

- أسامة العبسي: على العكس من الصعب على الحكومة توظيف الأجانب في الوزارات فديوان الخدمة المدنية حتى لا يوجد عنده موضوع نسب بحرنة، يجب اثبات أنه لا يوجد بحريني واحد قادر على أداء الوظيفة.

- جاسم حسين: القطاع العام يضع المشكلة بالكامل على القطاع الخاص، وكأنه قام بالواجب وهذا غير صحيح.

خالد عبدالله: لا أعتقد أن هذا صحيح، العامل الأجنبي يكلف المجتمع، فتحت النظام الحالي الحكومة تدعم العمالة الوافدة لتتنافس مع البحريني، وجزء من الإصلاح أن القطاع الخاص الذي يستفيد من هذه العمالة يجب أن يتحمل الكلفة المجتمعية، هذا مبدأ يجب الاتفاق عليه. فالجميع يجب أن يتحمل مسئولياته ضمن التوليفة الجديدة بمن فيهم العاطل عن العمل سواء من ناحية تدريبه أو تغيير الثقافة التي يتبناها، الفرد والأسرة والقطاع الخاص وعلى رأسهم الحكومة التي تحدد السياسات وبالتالي فهي مسئولة.

- أسامة العبسي: المشكلة ليست القطاع الخاص أو مشكلة القطاع العام، إنها مشكلة وطن، فهل نحن مستعدون أن نعيش في بلد صغير بهذا الحجم فيه 100 ألف عاطل بما يترتب عليه من مشكلات اجتماعية وأمنية عدا البطالة المقنعة، القطاع الخاص لم تحول المشكلة عليه، القطاع الخاص ظل منذ اكتشاف النفط حتى الآن يستفيد من الدعم الحكومي لجميع الخدمات الموجودة، ضرائب الدخل غير موجودة، والآن وصلت البحرنة في القطاع العام إلى 92 في المئة وتشبع. أصبحنا في وضع صعب، ونحن بلد بعد فترة قصيرة سنكون مستورداً للطاقة. فالموضوع ليس تحويل المشكلة للقطاع الخاص، لأنه جزء من القطاع العام.

هناك احصائية تشير الى أنه من أصل 43 ألف سجل تجاري في البحرين، فقط 5000 سجل تجاري توظف بحرينيين، أي أن 87 في المئة من السجلات لا توظف بحرينيين بحسب وزارة العمل والتأمينات الاجتماعية. القطاع الخاص لا يعيش بمعزل عن الاقتصاد واذا غرقنا فسنغرق معا.

- خالد كانو: هل معقول أن تكون الأرقام صحيحة، أن يكون هذا العدد من السجلات لا يوظف بحرينيين، ربما تكون هذه السجلات غير عاملة.

- أسامة العبسي: هذا الرقم لا يشمل السجلات غير العاملة.

- عثمان شريف: سأعود قليلا إلى موضوع السياسات السابقة وتبعاتها، الأساليب والطرق الملتوية التي بدأ الناس يتبعونها في مقابل استخدام العمالة هي نتيجة عدم وجود استراتيجية واضحة مبنية على قاعدة بيانات لإحلال الأجانب بالبحرينيين.

الجانب الآخر ربط استقدام العمالة الأجنبية بالسجل التجاري وهذا من أكبر الأخطاء.

الآن يفترض أنه تم فك الارتباط بين السجل والاستقدام...

- عثمان شريف: بعد ماذا؟ المهم بالنسبة إلى العدد، القطاع الخاص في كل مكان في العالم يجب أن يكون لديه التوظيف الأكبر، اليوم في القطاع الحكومي إذا نظرنا إلى الموازنة نجد أن 80 في المئة من المصروفات رواتب وأجور، وهذا مؤشر خطير في ظل العجز، والحكومة تتجه للاقتراض لتغطية مصروفاتها، لماذا؟ لأنها لم تهيئ للقطاع الخاص ليكون له دور بحسب خطة أو برنامج، أعتقد أننا الآن متفقون على ضرورة وضع استراتيجية.

ثم إذا ما تحدثنا عن الدور الرقابي، هل بإمكان وزارة العمل أو الاطراف التي ستدير الصندوق، الحد من التجاوزات ومن الفساد الموجود، أنا أشك في ذلك، نحن حتى اليوم نرى رخصاً تصدر من الجوازات لمتنفذين من غير طلبات عمل، هذه موجودة وستمتد إلى الغد، فإذا لم نقض على هذا الجانب فمعنى ذلك أن حلولنا يدفع ثمنها البعض فقط.

- خالد عبدالله: ولهذا فإن حال اختراق واحدة كل هذا المشروع الذي نتحدث عنه ستعرضه إلى اخفاق كبير.

- عثمان شريف: حتى العمالة السائبة، هم معروفون ولكن لا أحد يتعرض لهم.

- أسامة العبسي: هذه مشكلة دولة القانون حينما تكون العمالة السائبة في الشارع، لا يمكن القبض عليها لأن هناك اتفاقاً بينها وبين صاحب السجل الذي استقدمها، هي لم تخالف القانون بوقوفها في الشارع، لأنه لابد من القبض على المخالف في موقع عمل حتى تثبت مخالفته للقانون، نحن في دولة قانون، ولدينا احترام لحقوق الإنسان، وأشير إلى أن مخالفة المتنفذين ليس بحجم مخالفات المؤسسات الصغيرة، هذه العملية أصبحت لها قيمة، قبل ثلاث سنوات كانت الرخصة تباع في السوق السوداء بـ 500 إلى 600 دينار الآن بلغت 1200 دينار، حتى لو طلبت وزارة التجارة ضماناً مالياً يتراوح ما بين 1000 الى 3000 آلاف دينار فلايزال الموضوع مجدياً بالنسبة الى المخالفين.

هل بالإمكان استيعاب التضخم الذي تحدثه طفرة الأسعار، مع ارتفاع كلفة الأيدي العاملة؟

- أسامة العبسي: الكلفة هي أحد عدة آليات كحزمة مترابطة. مع تطبيق المشروع لن يكون عدد طلبات استقدام العمالة الأجنبية مشروطة بتحقيق نسب بحرنة.

في السابق كان هناك فارق كبير في السعر، بعد توحيد الكلفة، عملية التوظيف والاستغناء ستحكمها إجراءات مبسطة وواضحة ومرنة، اليوم صاحب العمل عندما يوظف بحرينياً فلديه ليس مشكلة في انتاجيته فقط وانما مشكلة في الاستغناء عنه في حال لم يكن جادا في عمله. فئة غير الجادين من البحرينيين الذين أساؤوا إلى البحرينيين في السابق كانت رد فعل لواقعهم كعمال مفروضين على أصحاب العمل وبالتالي أثار ذلك على سلوكهم وعلى انتاجيتهم، هو تعاط مع الوضع القائم.

- عثمان: وربما يكون أيضا هنا عدم الرضا عن الراتب وعن ظروف وساعات العمل.

- خالد عبدالله: مسألة التضخم هي مسألة صحيحة سيكون هناك قدر من التضخم الذي يشكل صدمة للاقتصاد، ولكننا اليوم بصدد إصلاح هيكلي لوضع تفاقم 30 سنة فمسألة الإصلاح لابد أن تنطوي على بعض الكلف والألم الذي يجب أننا كمجتمع نتحمله بشكل عادل ومتساو اذا كنا نفكر في المستقبل، وهناك جانب آخر يجب أن نعتني به وهو الإنتاجية التي تعتبر متدنية بشكل كبير حاليا في الكثير من القطاعات بسبب الكثافة البشرية وعدم استخدام التكنولوجيا، الانتاجية هنا في البحرين تعادل 25 في المئة مقارنة بـ 100 في المئة في الولايات المتحدة الأميركية و34 في المئة في دبي، فزيادة الإنتاجية في ظل النظام الجديد سيمتص جزءاً من الكلفة.

- عثمان شريف: هذا جانب، ولكن من جانب ثان نحن اليوم موقعون على اتفاق التجارة الحرة مع أميركا، وبصدد استقطاب استثمارات من الخارج فهل هذا التوقيت مناسب؟

- خالد عبدالله: لم تكن العمالة قط عائقا للاستثمارات، من دون اتفاق التجارة الحرة وبالوضع الحالي جاءت استثمارات قيمتها 6 مليارات دولار وعادت أدراجها، نحن بحاجة الى تهيئة البيت وتعديله أولا.

هناك الكثير من التقارير التي توضح أن العمالة هو أحد العوامل التي تأتي في الترتيب السابع أو الثامن من اهتمام المستثمر. الإنتاجية والتكنولوجيا هما المفتاح، نحن نهيئ للمستقبل أما إذا كنا نريد أن ننافس على الأرضية نفسها التي تتنافس بها الصين فليس باستطاعتنا ذلك.

- جاسم حسين: على العكس، فيما يتعلق باتفاق التجارة الحرة، أنا أتخوف أن الظروف الحالية للعمل ربما تدفع الكونغرس الأميركي إلى عدم التصديق على الاتفاق، لأنه عمليا هناك استغلال.

- أسامة العبسي: الاستثمارات الموجودة، تعريفيا وبحسب تصنيفها، ليست صناعات ذات كثافة عمالية، ولكنها كذلك الآن بسبب أن وجود العمالة الرخيصة أجدى من شراء جهاز. محليا وبحسب وزارة المالية فإن الاستثمارات الأجنبية الموجودة في البلد 70 في المئة منها مصارف وخدمات مالية و16 في المئة عقارات و3 في المئة نقل ومواصلات وتبقى 11 في المئة صناعات خفيفة (83 في المئة صناعات خفيفة منها الأنسجة، الملابس الجاهزة والباقي سياحة وبيع تجزئة)، ومعروف أن صناعة الملابس الجاهزة جاءت إلى البحرين تحت نظام الكوتا (الحصص) الذي سيلغى في العام 2005، ومهما كانت العمالة رخيصة لدينا فلن تكون أرخص من الصين ومن بنغلاديش وسيريلانكا. وإذا كنا نريد استقطاب استثمارات بناء على العمالة الرخيصة فإن مثل هذه الاستثمارات في بلد لا يفرض ضرائب ليست مهمة، البلد لن سيتفيد منها في حين أنها ستمتص الطاقة وخدمات البنية التحتية. كذلك يجب أن نضع في اعتبارنا أن السياسات السابقة التي كانت سائدة ومازالت في سوق العمل المحلية أدت إلى وضع البحرين على أسوأ درجة من درجة الاتجار بالأفراد في تقرير الكونغرس الأميركي للأعوام السابقة.

وهل نبهت البحرين رسمياً لمثل هذه المخالفات؟

- أسامة العبسي: طبعاً ويجب أن نضع في اعتبارنا ان الشركات الأميركية تخسر حينما تنتج تحت ظروف غير إنسانية لأن المستهلك إذا بلغه أن منتجاً ما قد أنتج تحت ظروف عمل قاسية، وحتى في مصانع الملابس الجاهزة الموجودة حالياً في البحرين يأتي المشتري الأميركي للاطلاع على أحوال العاملين.

- خالد كانو: لا أعتقد أن البحرين بهذا المستوى الذي نتحدث عنه، فالاحتفاظ بالجواز ليست عملية غير إنسانية.

- أسامة: هناك البعض لا يقومون بهذه الممارسات ولكن تجاراً آخرين وعددهم أكثر من أربعين ألفاً ويملأون البلد يقومون بهذه الممارسات

العدد 780 - الأحد 24 أكتوبر 2004م الموافق 10 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً