أكد المشاركون في منتدى «الوسط» عن تقييم آلية عمل المجلسين أن المجلس النيابي يواجه مشكلة في صلاحياته التشريعية، ما يفسر عدم قدرة البرلمان على اصدار ولا قانون واحد خلال العامين الماضيين، لافتين إلى أن المشكلة في أننا نعيش عهد الإصلاح، لكن القوانين النافذة فيه هي قوانين أمن الدولة.
وشدد «المنتدون» على ضرورة أن يسعى المجلس إلى إنفاذ الإرادة الملكية في إزالة القوانين المعوقة للتنمية والتطوير، إضافة إلى إقرار أو تعديل التشريعات الخاصة بإصلاح سوق العمل للدفع بمشروع ولي العهد إلى الأمام، إذ دعوا إلى أن يمارس النواب أقصى درجات الجدية في التعاطي مع العمل التشريعي حتى في حدوده الدنيا، وليس إشغال المجلس بالرغبات التي لا تخدم النواب في ممارستهم دورهم. وألقى المشاركون في المنتدى (وكلهم مشاركون في الانتخابات النيابية) باللائمة على الجمعيات المقاطعة، معتبرين أنها تجاوزت قرار المقاطعة كتكتيك إلى مقاطعة الحياة السياسية، والمؤسسات الدستورية القائمة كـ «أمر واقع»، معتبرين أن هذا التوجه سيسهم في خلق إشكالات خطيرة، على غرار ما حصل جراء طرح قانون الجمعيات السياسية التي اعترضت عليه الجمعيات السياسية من خارج قبة البرلمان. وفيما يأتي «نص الحوار»:
حسن مدن... أنت تقول : إن الحكومة لعبت دورا معوقا، هل لعبت هذا الدور خارج صلاحياتها الدستورية أو ضمن الصلاحيات الدستورية المتاحة لها؟ بمعنى آخر: من هو المعيق الحكومة أم الدستور؟ وإذا ما ذهبت الحكومة إلى استخدام صلاحياتها بأقصاها، فمن هو الملام؟
- حسن مدن: إذا كنت معنياً بالأسئلة الدستورية، فنحن لسنا مختلفين في هذا الاتجاه، لكن يمكن القول: إن الحكومة بمختلف الأساليب أعاقت عمل المجلس، سواء بالآلية الدستورية أو بغيرها، فهي تتحايل حتى على الدستور موضوع الخلاف، والحكومة لعبت دورا معيقا في أنها كانت معنية بإنجاح التجربة، فالتحليل المنطقي يقود إلى أن الحكومة يجب أن تكون معنية بنجاح التجربة، وخصوصا في الظروف الصعبة التي يعمل فيها المجلس، ولكن للأسف: فإن الحكومة لم تعمل هذا الدور، وفي الكثير من الحالات عطلت سلاسة عمل المجلس، إما من خلال تعطيل مشاريع القوانين التي ترفع إليها لصوغها في مشروع بقانون، أو من خلال ضغوطها على الكتل النيابية في مناسبات كثيرة، ومن ضمنها التصويت على سحب الثقة من الوزراء المعنيين في موضوع التقاعد والتأمينات.
هذه هي الأسباب الرئيسية التي تجعلنا نفهم لماذا كان أداء المجلس بهذا المستوى الضعيف وغير المرضي.
- حمد المهندي: دعني أرد على الكلام الأخير لمدن، فالحكومة لم تكن لها يد في عدم سحب الثقة عن وزيري العمل والمالية في ملف التأمينات والتقاعد، غير القناعات التي وجدت عند الأعضاء أثناء التحقيق معهما في لجنة التحقيق، فالقناعات تشكلت بناء على الأسئلة التي سألها النواب للوزيرين وأجابا عليها، فلم يكن هناك دليل مادي واحد يثبت مخالفتهما للقانون والصلاحيات الممنوحة لهما، كما لم تثبت ضدهما أية اختلاسات مالية، وكل تصرفاتهما إزاء الصندوقين يقومان بها من باب الاجتهاد، صحيح أن الهيئة خسرت في بعض الأحيان، لكنها ربحت في الكثير من الأحيان أكثر مما خسرته، وكنا نظن أن الأراضي التي اشتروها قد تم شراؤها بثمن غال، لكن الآن يمكن أن تحصِّل ثمن شرائها السابق مرات ومرات، وأنا هنا أؤكد أن المسألة خاضعة لقناعات النواب وليس لضغوط الحكومة.
- حسن مدن: القضية خلافية.
- إبراهيم بشمي: دعونا نعود إلى الموضوع من جديد، فنحن نعيش غمار تجربة جديدة، وأهم ما نملكه في يدنا حقوقنا كشعب كما جاءت في الدستور، وهو الآن دليلنا في المرحلة الحالية، أما عن مسألة التعديلات الدستورية، فهي ليست من المسائل السهلة، وحينما يطرح موضوع تعديل دستوري، ونرى أمامه عقبات كثيرة، فعلينا اجتياز هذه العقبات للوصول إلى مرحلة التراضي الشامل بأن هناك إشكالية دستورية موجودة أمامنا.
حاليا: أنا أرى وقطاع كبير من السياسيين ضرورة التعامل مع النصوص الدستورية الحالية بمرونة أكبر وتعاون أكبر عبر حسن النية والثقة، حتى تتراكم لدينا تجاربنا الديمقراطية الخاصة بنا في سبيل الوصول إلى قناعات مشتركة بأنه حان الوقت إلى تعديلات دستورية أفرزتها تجربة، بأن التعامل مع النصوص أصبح عائقا، وأن التعامل ما بين السلطات الثلاث أصبح عائقا، وبالتالي: كيف نحدد وقتاً زمنيا لآلية إنفاذ المشاريع بقوانين، في ظل الانفلاش الحاصل بين اللجان والمجلسين والسلطة التنفيذية والمستشارين؟ وهل من الممكن تقليص الفترة الزمنية للوصول إلى وضع تشريعي صحيح؟
فالملك أكد عدم وجود موانع أمام المدى الواسع لإغناء هذه التجربة، ودستورنا ليس جامدا على نصوصه، وهناك نية من أعلى سلطة سياسية في البلد تؤكد على ضرورة إعطاء التجربة مداها، لاكتشاف نقاط الضعف لنستطيع تجاوزها.
النائب حمد المهندي ... الدولة صرفت على المجلسين الأموال الكثيرة من موازنة الدولة، وأعطت لكل نائب امتياز بدل سيارة وبدل مكتب، وقدمت لهم الكثير من الامتيازات، والسؤال: هل يتعاطى النواب ككتل وأفراد بجدية مع المقترحات بقوانين والتشريعات التي يطلقونها؟ ما هو تقييمك إلى الكثير من المقترحات التي يقدمها النواب، فأنتم في كتلة الأصالة مثلا: قدمتم مقترح عيدية 500 دينار بسبب زيادة عوائد النفط، ألا يعد هذا هدرا للمال العام؟
- حمد المهندي: لا يوجد حجر على أي نائب من النواب أن يقدم مقترحات بقانون أو برغبة، وفي داخل مكتب المجلس بصفتي رئيسا للجنة التشريعية، رفضت إيقاف بعض المقترحات التي كان المكتب ينوي إيقافها، فالناس هي من سيقيم هذه المقترحات ومن سيقدمها، حتى لو كانت هذه المقترحات تافهة، لتتعرف على مستوياتهم، وما إذا كان النواب عندنا في مجلس النواب في مستوى المسئولية أم لا، فأنا لا أريد أن أقيم زملائي النواب، وإنما الناس هي التي تقيم. وبشكل عام هناك نواب مجتهدون، وكتل نيابية مجتهدة أيضا، وهناك من الكتل ومن النواب أشخاص مفرطون، فهذه هي طبيعة البشر، فهناك من يرغب في الراحة والسكون، وهناك من لديه أسباب أخرى ليس مجالها الصحافة.
ألا توجد آلية تضبط عمل النواب كمشرعين، وتمنعهم من زيادة الهدر في طاقات وإمكانات الدولة؟ كم عدد النواب الذين قاموا بفتح مكتب لتأدية دورهم التشريعي والرقابي على أكمل وجه؟ أم أن النائب من أجل ذر الرماد في عيون الناس، يطرح المشروعات المجانية التي يعرف مسبقا عدم موافقة المجلس عليها؟
- المهندي: لقد سبق للاخوة وتحدثوا بأن ظروف تشكيل المجلس أوجدت نواباً كثيرين، وهناك نواب من الفئة التي أشرت لها، فهذا مستواهم وهذا تفكيرهم، فلا يمكن لنا ان نلومهم، لأن العيب فيمن انتخبهم، أما عن امتيازات مجلس النواب، يمكن القول أن الامتيازات التي يحصل عليها النواب قليلة بالنسبة للدول الأخرى.
لأن صلاحياتكم قليلة أيضا، فأنتم لا تقومون بشيء مفيد.
- حمد المهندي: الصلاحيات أوجدها الدستور وأوجدتها اللائحة الداخلية، وليس نحن من أوجدها.
- إبراهيم بشمي: المسألة ليست في شخص فلان وعلان، ولكن السلطة التشريعية يجب أن تتوافر في أعضائها مواصفات لكي توازي السلطة التنفيذية، وإذا كنت تطلب من النائب القيام بدوره، وتكريس نفسه لمهامه الملقاة على عاتقه فيرضي ناخبيه، فيجب أن توفر له ما يعطيه الاحترام لنفسه واحترام الآخرين لها، بما يجعله مواز وربما أقوى نفوذا من السلطة التنفيذية، فإذا ما طالبنا النواب بأداء مهامهم، فيجب علينا توفير ما يجعلهم يؤدون هذه المهمات.
سؤال الى مدن: جلالة الملك في خطابه الأخير في افتتاح دور الانعقاد الثالث أشار إلى مجموعة مواضيع مهمة في خطابه، وأوكل إلى ولي العهد أيضا مجموعة ملفات مهمة، ومنها: إزالة القوانين المعوقة للحريات والتطوير، كما أن المشروع الضخم الذي أطلقه ولي العهد (إصلاح سوق العمل) سيرمي بكامل ثقله على المجلس النيابي في الجانب التشريعي، والسؤال: كيف سيكون إصلاح سوق العمل وإزالة القوانين المعوقة ممكنا مع وجود آليات معوقة في المجلس الوطني؟ فقد وضعنا أمام تحدٍ لإنجاح مشروع حيوي مقدم من أعلى سلطة سياسية في البلاد.
- حسن مدن: هذا التحدي هو واحد من حزمة التحديات التي تواجهها البلد في هذه المرحلة الصعبة، فنحن نعيش مرحلة دقيقة، ووراءنا عقود من المشكلات، ونحن في سباق مع الزمن في مواجهتها، ومجلس النواب يواجه مشكلة حقيقية في الصلاحيات التشريعية المعطاة له بحسب الدستور، فهناك انتقاص كبير من الصلاحيات التشريعية خصوصا، وهذا ما يفسر تعطل الكثير من القوانين في الدورتين الماضيتين.
أما ما أشار إليه جلالة الملك عن ضرورة إزالة القوانين المعوقة للحريات والتطوير، فيجب أن نقف أمامها كثيرا، فنحن الآن في مرحلة إصلاحية، ولكن القوانين النافذة جميعها وضعت على غرار قانون أمن الدولة، وهي ليست معوقة للتنمية والتطوير فقط، وإنما معوقة للحريات وبناء المجتمع المدني، فهي لا تتناسب مع الظرف الإصلاحي الجديد، وبالتالي: فإن مهمة السلطة التشريعية على رغم إشارتنا إلى نواقصها التشريعية، هو استخدام هذه الصلاحيات في إنفاذ الإرادة الملكية، فهي لم تستخدم صلاحياتها حتى الآن، سواء التشريعية منها أو الرقابية، وضيع وقت المجلس على مدار عامين في قضايا ثانوية وجانبية، ألهت الناس وخلقت لنا زوابع لم تكن لها ضرورة.
السلطة التشريعية أمام هذا التحدي، عليها أن تلتقط دعوة جلالة الملك إلى إعادة النظر في التشريعات المعوقة للتنمية والتطوير والإصلاح بالمفهوم الشامل، الاقتصادي والسياسي وكل جوانب الإصلاح، كما أن مهمة السلطة التنفيذية ليست بأقل من مهمة السلطة التشريعية، ففي ظل غياب تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإصرار الحكومة على تعطيل مشروعات المجلس النيابي، أو أن يذهب المقترح بقانون بصيغة معينة إلى السلطة التنفيذية ويرجع بصيغة أخرى كما حصل في اللائحة الداخلية، التي رجعت بعد أن عدلها النواب وكأن شيئا لم يكن، فوفق هذه الآلية لن يقدر للعملية الإصلاحية أن تتطور.
ماذا عن مشروع ولي العهد؟ ما أفق نجاحه وفق هذه الآلية، فقد سمعنا أن التشريعات الخاصة بإصلاح سوق العمل ستقدم إلى المجلس الوطني لإقرارها؟ فما مصير هذه التشريعات؟
- حسن مدن: ما أشرت إليه من معوقات ينطبق على هذا الموضوع، فعندما تقدم التشريعات المختصة بإصلاح سوق العمل، والإصلاح التشريعي الضروري للتنمية الاقتصادية، فالسلطة التشريعية والتنفيذية على حد سواء يجب أن تكونا بمستوى هذا التحدي، فعلى السلطة التشريعية أن تستخدم ما هو متاح لها من صلاحيات، فتضغط باتجاه المزيد من الإصلاح التشريعي لسوق العمل والتنمية الاقتصادية، كما أن على السلطة التنفيذية أن تغادر أسلوبها الحالي في تعاطيها مع مجلس النواب.
النائب إبراهيم بشمي... إشارة جلالة الملك إلى ضرورة تعديل القوانين المعوقة للتطور تعد إشارة مهمة، وعلى المجلسين في ردهما على خطاب جلالة الملك أن يضعا تصورهما العملي لتجاوز مثل هذه القوانين، فدورهما التشريعي ضروري جدا، وكما أشار الأخ حسن، فإن النواب لديهم تركيز على الجانب الرقابي والرغبات، وعدم الاهتمام كثيرا بالجانب التشريعي، ولكن المطلوب من كل نائب سواء كان في مجلس الشورى أو النواب أن يساهم في تغيير القوانين المعوقة للتنمية والتطوير. أما مشروع ولي العهد لإصلاح سوق العمل، فليس هناك قانون مطلوب بحد ذاته، ولكن هناك قوانين سيتم تغييرها أو تعديلها، حتى تستطيع تلبية متطلبات هذا المشروع... ألن تكون هناك قوانين تكميلية توازي ضخامة هذا المشروع؟
- إبراهيم بشمي: إذا لم تكن هناك قوانين تلبي احتياجات هذا المشروع، فستكون هناك قوانين تكميلية، وهذه ستأتي في مسالكها التشريعية الطبيعية.
ما أشار إليه الخبر الصحافي هو أن التشريعات المتعلقة بسوق العمل ستعرض على المجلس الوطني، ما يعني أن هناك تشريعات جديدة، فما هي هذه التشريعات؟
- إبراهيم بشمي: لا، التشريعات تخص القوانين الحالية، ومثلا قانون العمل الحالي سيتم تعديله، بأن يكون التعديل عن طريق السلطة التنفيذية أو عن طريق أصحاب الاقتراح نفسه، الذين سيحيلونه إلى السلطة التنفيذية، وتحيله بدورها إلى السلطة التشريعية لإجراء التعديلات أو الإضافة عليه أو حذف بعض بنوده بحسب الإجراءات المتبعة.
أهم مسألة في الوضع السياسي الحالي: أن لدينا منظومة قادرة على إعطائنا التحولات المطلوبة في العمل السياسي بالصورة القانونية التشريعية السلمية، كيف نستثمرها ونزيد من طاقتها وفاعليتها في المجتمع السياسي، هذا ما علينا الإجابة عليه.
ودعني أعطيك مثالا على كلامي، مجلس الشورى في رده على الخطاب الملكي في دور الانعقاد الأول، أشار إلى ضرورة إعطاء الجمعيات السياسية وضعها التشريعي والمؤسسي، وأن مجلس الشورى يؤيد هذا الاتجاه، وقد رفع إلى جلالة الملك وتقبله، لكن في مقابل ذلك: لم نجد أحدا من مؤسسات المجتمع المدني سارع إلى أخذ هذه الأفكار وتبنيها، وعمل مع المجلسين لتفعليها.
أنت هنا ربما تشير إلى أن الخلل لا يتعلق بالمؤسسات التشريعية، وإنما بالقوى الفاعلة خارج المجلس؟
- إبراهيم بشمي: نعم، أنا هنا أتكلم عن الجمعيات السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى، فأدوارنا يجب أن تكون أجزاء مكملة لبعضها بعضا، فإذا أصبحنا في منطقة «محلك سر» على خلفية المقاطعة وعدم التعاطي مع المؤسسات الدستورية الموجودة، فأعتقد أن هذا التصور غير صحيح.
النائب حمد المهندي... كيف سيكون دوركم في تبني مشروع ولي العهد (إصلاح سوق العمل) وترجمة الخطاب الملكي بشأن تعديل القوانين المعوقة للتنمية والتطوير إلى واقع تشريعي فعلي؟ فنحن نحكم بعقلية قانون أمن الدولة في أكثر القوانين، ويتعسف ضد أكثر من جهة، وأكثر الجهات التي يتعسف ضدها هي الجمعيات السياسية.
- حمد المهندي: المشروع جاء من سمو ولي العهد، وسيصاغ في هيئة مشروع وسيحال إلى المجلس، والمشروع ربما يأتي متكاملا في هيئة دراسات تخصصية، وربما تكون هذه الدراسات ثقيلة علي الكثير من النواب الحاليين، فكيف سيتعاملون معها؟ وكيف سيوافقون عليها؟
وهنا أكرر الكلام الذي ذكره الأخ بشمي: أن الجمعيات التي دخلت الانتخابات النيابية ليست لديها برامج عمل، وليست عندها خبرة ولا دراية بالأمور التشريعية، وليست لديها أجهزة تخصصية تسندها وتدعمها في تقديم المشروعات، على عكس الجمعيات التي لم تدخل الانتخابات، والتي تملك كل هذه الاستعدادات، وهي لا تشارك ولا تعيّن أعضاء مجلس النواب، بل أشبه بالمعزولة عنهم، وربما وظيفتها الحالية هي الكلام والانتقاد من دون عمل، وبالتالي فأنا أحمِّلها المسئولية، فإذا لم تكن تريد المشاركة، فلتقدم مشروعاتها واستشاراتها خفاء، لتكون قادرة على تغيير المفاهيم الخاطئة الموجودة عند الكثيرين، لأن لها ثقلاً وامتداداً وقاعدة كبيرة.
المجلس لوحده لا يمكن أن يكون فاعلاً، ونوعية الأعضاء الموجودين في المجلس متواضعة المستوى، فهذا مستواها وهذه حدودها، وربما تكون عليها أعباء كبيرة لا تتحملها.
هل معنى كلامك هذا أن مشروع إصلاح سوق العمل قد يفقد بريقه داخل المجلس نتيجة ما ذكرت؟
- لا، لن يفقد بريقه، فهناك نوعيات من النواب لها دراية، فإذا أوكلنا لهم مهمة التصدي لمشروع ولي العهد، ودراسته وإعطائنا النتائج بشأن إيجابياته وسلبياته، فيمكن لنا أن نصل إلى نتيجة طيبة.
حسن مدن... يبدو أن بشمي يحملكم - كجمعيات سياسية - جزءاً من ضعف أداء مجلس النواب، لكونكم غافلين عما يقوم به، فهي لا تقوم بالضغط على مجلس النواب لتحسين أدائه، وعادة ما تصحو من النوم على قانون مثل قانون الجمعيات السياسية، ولا تلتفت إلا والبساط قد سحب من تحتها، وقد بادرتم إلى وضع تصور قانوني عن قانون التنظيمات السياسية للتأكيد أنكم تسندون مجلس النواب، فكيف للجمعيات السياسية أن تسند هذا المجلس أو تتعامل معه في ظل مجموعة المعوقات التشريعية التي تعطل دوره بالكامل؟
- حسن مدن: أنا أتفق مع الأخ بشمي والأخ المهندي فيما أشارا إليه من أن الجمعيات السياسية، وخصوصا إخوتنا في الجمعيات المقاطعة هم أحد أسباب تعثر مجلس النواب خصوصا، وهنا أؤكد حق الجميع في اختيار التكتيك السياسي الذي يلائمه سواء كان تكتيكه بالمشاركة أو المقاطعة، فهذا حق مشروع نحترمه.
ولكن يجب التفريق بين مقاطعة الانتخابات ومقاطعة الحياة السياسية من خلال المؤسسات القائمة، ومجلسا الشورى والنواب من المؤسسات القائمة، وهما أمر واقع ومؤثر في الحياة السياسية في البلد، وفي عملنا المشترك مع الجمعيات المقاطعة واجهنا صعوبة في مسألة إشراك النواب الذين يلتقون مع الجمعيات في الموقف السياسي في بعض الأنشطة أو الندوات أو ورش العمل، فهناك موقف سلبي وقاطع بعدم التعاطي مع مجلس النواب، وهذا الموقف لعب دورا سلبيا كبيرا في ضعف المؤسسات التشريعية، وإذا استمر هذا الموقف فيما تبقى من عمر المجلس، فيمكن أن تترتب عليه نتائج خطرة.
ما هذه النتائج الخطرة؟
- حسن مدن: مثلا، قانون الجمعيات السياسية، فإذا فكرت الجمعيات المقاطعة في ألا تتعاطى مع المجلس في هذا القانون، فالسؤال: من سيقر هذا القانون؟ ومن سيناقشه غير المجلس الوطني؟
وبالتالي سيصبح قانون الجمعيات أمراً واقعاً، فإذا أنت لم تتعاط مع المجلس، وتلتقِ الكتل النيابية وتبلغها وجهة نظرك، وتضغط عليها أو تقنعها وتتحاور معها، فإن رفضك للقانون من خارج المجلس مفيد، ولكنه ليس الموقف الذي يحسم الأمر، وهنا يمكن القول: إن مقاطعة الانتخابات تكتيك سياسي يمكن للإنسان أن يتفهمه، ولكنني لا أستطيع تفهم مقاطعة المؤسسات والحياة السياسية
العدد 779 - السبت 23 أكتوبر 2004م الموافق 09 رمضان 1425هـ