العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ

إدارة الخلاف قاصرة في ظل هيئة تشريعية عاجزة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

كيفية ادارة الخلاف ومقدار النجاح او الفشل في ذلك تحدد مستوى التحضر والتقدم لدى هذه الامة او تلك. والبحرين تشهد منذ «ندوة الفقر» التي عقدها مركز حقوق الانسان في 24 سبتمبر/ ايلول الماضي تموجات، صعوداً ونزولاً، في طريقة التعامل مع قضايا الوطن.

البعض يطرح أن من حقه ان يعبر عن نفسه حسبما يسمح به دستور البلاد، والبعض الآخر يرد بتطبيق القانون المعمول به حالياً والذي يعطي الفرصة للنيابة بأن تأمر بالحجز 45 يوماً، وان تتحفظ على الشخص بتهم مختلفة، من بينها الاتهام بالتحريض على كراهية النظام. وهذه تهمة «مطاطية» غير محددة المعالم، وبالامكان تدشينها متى ما قررت النيابة او القضاء ذلك.

إننا إذاً بين لغتين، وكل واحدة منهما تتحدث عن حكم الدستور او حكم القانون، واللغتان متوافقتان ومتناقضتان في الوقت ذاته، ولذلك فانهما تؤديان الى نتيجة عكسية.

والواقع هو ان المجتمعات تحتكم الى القانون - وهو مظهر حضاري - ولكن ليس بانفصال عن الوسائل الاخرى. فادارة الاختلاف قد تلجأ الى الجانب السياسي (وليس القانوني) لحل المشكلة، وخصوصا اذا كانت هناك تعقيدات كثيرة في الجانبين القانوني والسياسي.

الفرق بين اللغة القانونية واللغة السياسية هو ان الاولى نصوص جامدة ليست لها علاقة بالمتغيرات والظروف، بينما اللغة السياسية لها علاقة مباشرة بالظروف والمتغيرات. وعلى هذا الاساس فإن الفرقاء السياسيين في اميركا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول ذات العملية السياسية الاكثر نضوجا، قلما يلجأون الى القضاء.

فلا تسمع في بريطانيا مثلا ان حزب العمال اشتكى على حزب المحافظين في المحكمة، ذلك لان ادارة الخلاف تعتمد الجانب السياسي البحت بينهما.

الحال كذلك في البحرين، فمنذ فترة والحديث دائر عن الفرق بين «الحقوقي» و«السياسي». الحقوقي يتحدث بالنصوص، ويجرد نفسه من المتغيرات السياسية قدر الامكان، بينما السياسي يراعي الظروف والاجواء والجوانب المعقدة المحيطة بالموضوع. والسياسي الذي يقرر التصعيد يتحول الى الثورية، ولكنه يحسب ذلك ويستعد لما ينوي القيام به.

في ظل الظروف والمعطيات، فإن الاوراق اختلطت كثيراً في البحرين، ولم يعد الموضوع حقوقياً أوقانونياً، وانما سياسي بحت. وعليه فإن ما يجري هذه الايام يؤكد ان المشكلة أكثر مما يحاول بعضنا تأطيرها، وما لم نلتفت الى الجوانب المتداخلة في الامر فقد ينتهي بنا الوضع الى مزيد من التعقيد.

ولو آمنا بضرورة الحل السياسي في مقابل الحل القانوني، فان السؤال سيُطرح عن الكيفية والأهلية... فما هي الوسائل المتوافرة لدينا، ومن هو المؤهل للقيام بذلك؟

مع الاسف، فإن قرار وزارة العمل الغاء الاجتماعات مع الجمعيات الاربع جعلها طرفاً في الموضوع، والبرلمان مازال عاجزا عن ممارسة دوره التشريعي والرقابي الى الدرجة التي وصل فيها الامر الى ان يكون عدد القوانين التي اصدرها ونشرها في الجريدة الرسمية خلال عامين هي «صفر». والمؤسسة التي لا تستطيع ان تصدر قانوناً واحداً (تقترحه وتمرره وتصدره) فإنها غير قادرة على توفير الحل السياسي لمشكلة معقدة.

ويبقى أملنا في ان تتحرك القيادة العليا في البلاد، لأنها الوحيدة التي تستطيع مباشرة الحل السياسي، لحلحلة الامور ومنعها من التدهور

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً