أكد عضو المجلس البلدي في محافظة العاصمة سيدجميل كاظم، لـ «الوسط»، أن ضعف دفع السلطة السياسية في المملكة إلى المجالس البلدية أعاق العمل البلدي، قائلا: «نحن موعودون بثمانية ملايين دينار بحريني منذ دور الانعقاد الأول، ولكن لم نحصل على أي دعم، وبقت الموازنة السنوية 200 ألف دينار، وهي لا تكفي إلى إنشاء بعض الحدائق».
الوسط - عبدالله الملا
أكد عضو المجلس البلدي في محافظة العاصمة سيدجميل كاظم أن إعاقة الأجهزة التنفيذية التي لا تتعاطى بجدية مع المجالس البلدية، وضعف دفع السلطة السياسية في البلد إلى الأعضاء البلديين، هما من الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تشكيل صورة سلبية عن عمل المجالس البلدية.
وقال كاظم: «إن ورش العمل التي دخلناها بخصوص قانون البلديات، تشدد على أن أولويات المناطق ينصها المجلس البلدي، وهو الجهة التي تقرر وتحدد كل شيء بحسب روح القانون، وهذا الشيء غير موجود، إذ لا نعلم ماذا يحدث في وزارة العمل، ولا نعلم عن مشروعاتها أي شيء، وكذلك بالنسبة إلى الصحة، ونستثني من الوزارات وزارة الأشغال والإسكان، إذ إنها الوزارة الوحيدة التي بدأت ترتب الأولويات وتأخذ رأي المجالس البلدية فيما يتعلق بمشروعاتها ومخططاتها».
وأضاف أن «السلطة السياسية في البلد لا تساهم في تحسين صورة المجالس البلدية، ونقصد بذلك أنه منذ دور الانعقاد الأول، نحن موعودون بثمانية ملايين دينار للمجالس البلدية الخمسة لدعم موازنة المشروعات، ولكن بدل هذه الملايين نجد أن الموازنة الحالية للمجالس البلدية هي 200 ألف دينار سنوياً. ونحن في المجالس لا ندري ماذا نفعل بهذه المبالغ، إذ إن إعادة تأهيل السوق المركزي يكلف ملايين الدنانير، كما أن كلفة إنشاء بعض الحدائق قد تفوق 250 ألف دينار».
واستطرد «أن أحد الأسباب المهمة التي تمخض عنها تشويه مظهر العمل البلدي، هو وعي الناس، الذي غالباً ما يكون غائباً فيما يتعلق بالشأن البلدي، فواجهنا منذ دخولنا المجالس في دور انعقادها الأول إشكالاً نتج عن ضعف الوعي، إذ ضعنا بين الإفراط والتفريط، فمن الناس من ينظر إلى العمل البلدي على أساس أنه عمل يتعلق بالبواليع والمجاري والنظافة ليس إلا، وآخرون ينظرون إلى العضو البلدي على أساس أنه اليد السحرية التي تحل كل الأمور كالمشكلات الزوجية والخلافات والتزويج وتوفير حافلات المدارس، وكل هذا ساهم في تولد نظرة استهجانية».
وأضاف أن «من الأسباب المهمة الأخرى هي محدودية صلاحيات المجالس البلدية الناتجة عن محدودية القانون البلدي، إذ تغيب كثير من الاختصاصات وتضيع، سواء كانت الاختصاصات أصيلة أو غير أصيلة، ونقصد بغير الأصيلة تلك التي تحتاج إلى اتخاذ قرار مع جهات مختصة أخرى كوزارة الصحة وغيرها من الوزارات. والإشكال المتمثل في هذا الجانب هو عدم وجود قوة إلزام في القانون إلى الجهات الأخرى».
وقال كاظم: «كما أن لدينا مشكلة أخرى، ألا وهي البعد الإعلامي، فحضورنا في الأجهزة الإعلامية مقصور على الإعلام المقروء عبر الصحافة، وفي كثير من الأحيان يكون النشر الصحافي الذي عادة ما يكون من خلال جهود العضو البلدي. وهذا راجع إلى ضعف الكادر الوظيفي إذ لا يوجد لدينا جهاز إعلامي متخصص. هذا إلى جانب ضعف تعاطي الأجهزة الإعلامية الأخرى مع العمل البلدي، إذ لدينا دعوات إلى تلفزيون البحرين إلى حضور الجلسات الرسمية، ولكن لم نلمس أية استجابة تذكر، على رغم أهمية العمل البلدي نظرا إلى كونه يختص بشئون البنيتين التحتية والفوقية في البلد، وتقارب اختصاصات المجالس البلدية 25 اختصاصاً. ويمكن تلمس هذا الفرق من خلال مقارنة تعاطي الأجهزة الإعلامية مع مجلس النواب والمجالس البلدية، إذ نجد الاهتمام والتغطيات، ونحن لا ننكر أهمية مجلس النواب، ولكن يبقى هذا التعاطي غير مبرر».
وواصل كاظم «كما أن من الأسباب الرئيسية التي شوهت العمل البلدي، غياب أكثر من 30 عاماً من حكم الشفافية الذي خلق نوعاً من التراكم التاريخي، الذي خلق بدوره فساداً مالياً في كثير من الوزارات، بما فيها القطاع الخاص، كل هذا ساهم في الفساد الإداري والمالي والبيروقراطي في النهاية... لأنه لم تكن هناك حركة إصلاح حقيقي تبدأ من عمق الأجهزة التنفيذية، واجتثاث رؤوس الفساد عن الإدارات. وهذه المشكلة لا تلاحق المجالس البلدية فقط، بل تطال لعنتها مجلس النواب، فحتى مع الزخم الإعلامي الكبير الذي يحظى به، فإنه يبقى محدود الصلاحيات، وجميعنا قرأ التقرير الذي نشر في الصحافة ومؤداه أن الحكومة استجابة إلى خمسة أو ستة في المئة من قرارات مجلس النواب».
وقال: «كما لا ننسى أننا نعاني من تهميش السلطة التنفيذية التي نتعاطى معها. ومجلس النواب والشورى هما الجهتان اللتان تحاسبان هذه الأجهزة، والشورى مجلس مسلم لكل الأمور، ومجلس النواب مشغول بخدمات أكثر مما هو مشغول برقابة، وهو جهاز تشريعي مجمد الصلاحيات أساساً، ومن ثم لا يوجد جهاز يراقب الأجهزة التنفيذية التي تهمش العمل البلدي. والسبب الرئيسي الذي يبقي معظم الخدمات متعطلة هو ضعف تعاطينا مع النواب، فمن الواجب تحضير الوزراء ومساءلتهم ومحاسبتهم...».
وبيّن كاظم أن المشكلة الأساسية ليست مشكلة القانون، على رغم وجدوها شأنا أم أبينا، ولكن الفساد والتراكمات التاريخية في الأجهزة التنفيذية هي العائق الأكبر. وعلى رغم أن «هذه الأسباب مجتمعة شوهت العمل البلدي، وخلفت سمعة غير طيبة عند الناس، فإنه يبقى أن نقول إن تجربة الحكم على التجربة البلدية بالتهميش سابقة لأوانها، فغياب دولة المؤسسات ردحاً طويلاً من الزمن، واختفاء الرقابة لا يمكن إصلاحه في سنتين، ولا يمكن لهاتين السنتين أن تصلحا ما أفسده الدهر، كما لا يجب أن ينام العضو في الربيع، وفي مجمل الأحوال، فقد بدأنا نتلمس بعض الإنجازات».
من جهة أخرى، يرى بلديون أن التجربة البلدية ستؤتي ثمارها عاجلاً أم آجلاً، وهذه التجربة القصيرة لا يمكن الحكم عليها بالفشل، إذ مازالت المجالس البلدية في بداية الطريق، والمشوار طويل ومليء بالإخفاقات أحياناً وبالإنجازات أحياناً أخرى. فيما يرى بعض المواطنين أن التجربة أثبتت فشلها، وأكبر دليل على ذلك أن المجالس عاجزة عن تحقيق أبسط الطموحات التي علقها الناس عليها، ويرى آخرون ضرورة إتاحة الفرصة إلى هذه التجربة لتنضج، لأن المرء لا يمكن له أن يصعد السلم دفعة واحدة
العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ