يبدو ان حزمة القوانين المنتهكة لحقوق الإنسان قد استُنفدت بالكامل، فما بقيت مادة من موادها إلا وطُبقت، ولكن ليس في المرحلة السابقة فحسب، بل في مرحلة الانفراج السياسي!
كل تلك القوانين أصدرت في الحقبة الماضية أثناء غياب المجلس التشريعي، ما يعني انها صيغت لتلك الحقبة فقط، وتطبيقها حاليا، وعدم طمسها - ولو رمزيا - لا يمكن اعتباره إلا تأزيما للأمور، ورغبة في العودة إلى الوراء!
فقانون العقوبات الذي أدين على أساسه الناشط عبدالهادي الخواجة أصدر العام 1976، وأهم تعديلاته في العام 1982. أما قانون الاجتماعات العامة والذي طُبق ضد معتقلي العريضة الدستورية فصدر العام 1973، وقانون الجمعيات الذي حُل مركز البحرين لحقوق الإنسان بناء عليه، عدا غمزات وتلميحات وزير العمل مجيد العلوي بتطبيقه كلما حاولت جمعية أو تحالف اللعب بذيله/بذيلها، فصدر العام 1989.
وبدت الجمعيات السياسية الفاعلة غير مكترثة بداية الأمر بحزمة القوانين تلك، على رغم تحذيرات بعض النشطاء الحقوقيين كلما سمحت الفرصة لهم بذلك، وها هي الجمعيات المتضرر الأكبر اليوم منها! حتى قال لهم أحد النشطاء في ندوة مفتوحة: العصا التي لا تُضربون بها، لا تشعرون بتهديدها!
كان من المؤمل أن يتسلم البرلمان ملف تلك القوانين، إلا ان موقف بعض النواب لا يمكن تسميته إلا بالمخجل، ففي الوقت الذي تُطبق فيه تلك القوانين، تجدهم يتربصون لكل ما يتصل بقضايا «الأخ الأكبر» و«المطربات العجرميات»، ويثيرون ضجة عارمة، وما سوى ذلك من قضايا هامشية!
البرلمان قضى عامين من عمره ولم يصدر حتى قانوناً واحداً، بينما أصدرت الحكومة في العام 2002 (قبل انتخاب النواب في اكتوبر/ تشرين الاول) 56 قانونا، بمعدل خمسة قوانين شهريا. اما مجلسا الشورى والنواب (80 عضوا) فقد أخفقا في القيام بمهماتهما التشريعية والرقابية، وأخفقا في ان يتحركا لحل مشكلات الوطن المستعصية، ولا يصدر عنهما الا ما يصم الآذان.
طُبقت تلك القوانين، واعتقل ناشطون، وربما تقفل جمعيات أخرى بالشمع الأحمر، وتُطبق قوانين أخرى تعود إلى السبعينات لم نسمع عنها بعد!
متى تموت عجائز؟ ومتى ستولد قوانين أخرى؟
العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ